د. خيرية السقاف
المفسدون في الأرض يتهافتون على الأرض..
ويمكن أن تكون مقاطع الفيديو التي تُنتشر كالهشيم « مزيّفة» بأفعالهم، لأن لا شيء مستحيلاً في ضوء القدرة التقنية الحديثة من قص، ولزق، وتحوير، وتدوير، ودمج، وإضافة، وتلوين، وتمويه..!
ولأنّ المفسدين في الأرض ينفذون من شرنقة نواياهم بسرعة فائقة يتوالدون كالدود، فإنّ هذا الكم من مقاطع «المفاسد» المصوّرة، لا يمكن أن يكون على هذا الحجم المتواتر تحديداً في مجتمعنا، ليس لأنّ مجتمعنا مثالي، أو فاضل كمن لا مثيل له، وإنما لأنّ هناك من ثبت تقصُّدهم - بعيداً عن نظرية المؤامرة - زرع القلق في النفوس، وبث الأفكار المضطربة بين العامة، واستمالة ضعفاء النفوس نحو المحاكاة لما يوحون إليه ، ويبسطونه من سلوك..
إذ في كل يوم هناك تسجيل مصوّر لاختطاف نساء، أو أحداث، أو نزاع مهلك بين متخاصمين، أو تراشق مميت بالسلاح الأبيض، والذخيرة الحية، أو السرقة في وضح النهار لصناديق البنوك، والأسواق التجارية، والعربات، أو الاغتصاب، أو القتل، أو الدهس المتعمّد،..
كل هذا جديد في سلوك المجتمع، بل يلمح إلى المبالغة التي قد تضفي على نفوس الناس الحذر الممرض، والقلق الفاتك، وعدم الثقة في الآخرين، وشتات العلاقات، وعدم الاطمئنان للشارع العام، وللحياة الاجتماعية..
ولا أحسب أنّ مجتمعنا بين غمضة عين وانتباهتها قد فَقد خصائصه، واهتز عرش قيمه، وتهافتت أنسجة بنائه..
لا أحسب أنّ البياض اسودَّ، ولا العطر تعفَّن، ولا الزلال استنْـقَع..
إنّ هناك فعلاً مضاداً لابد أن يتعامل به الجميع مع كل ما يُشاع، ويُذاع، يُصَوَّر، ويُسجَّل، يُبثُّ فيشاهَد، ويُسمع،.. فيُحرك ما يُحرك من صدى، وأثر..
ومع هذا السعي لاستقرار الطمأنينة، وإسكان الثقة، ليس هناك ما يمنع التأكيد على عدم التوقف عن المتابعة، والحرص، وتطهير المجتمع من كل هواء عفن، وريح قادمة من غير جهة..!!