أحمد الناصر الأحمد
من وهج ناره نزفت قرائح الشعراء وأمام جبروته سالت قصائدهم دامعة بالشجن ناضحة بالشوق والحنين.
الوداع أو الفراق أو البين أو النوى سمّه ماشئت غول يستدرج القصي من أوجاع الشعراء والحزن العميق من مشاعرهم.
عنه يحدثنا ابن زريق البغدادي:
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
وابن زيدون أحد ضحايا هذا الموقف العصيب ونونيته الشهيرة شاخصة للعيان.. شاهدة على هول الموقف ومنها:
أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا،
وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
إنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا
أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا
بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛
وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،
فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا
شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا،
يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ
سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا
وفي الشعر الشعبي يتبادر للذهن رائعة أحمد الناصر الشايع ومنها:
هل دمعي على خدي نهارالوداع
يوم قالوا فمان الله جاني بلاي
خايف ٍ من فراق ماواره اجتماع
يالله اليوم لاتقطع رجاه ورجاي
صرت مثل الغرير اللي بسن الرضاع
اتضّيم واصيح صياح من غير راي
الكثير من الدموع والآهات والقصائد والكتابات استدرجها هذا الوحش الذي لايرحم!.