د.موسى بن عيسى العويس
) أقصد بالمخالفين تلك الفئة من العمالة السائبة المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل في بلدنا، سواء من دخلوا للبلاد بطرق غير شرعية ونظامية، أو تلك العمالة التي استغلت الثغرات في أنظمة (وزارة العمل)، والجهات الضبطية الأخرى، وساعدهم في ذلك التساهل والتفريط من المؤسسات والأفراد الذين استقدموهم.
) من المألوف والمعتاد أن نجد هذه الفئات يجدون ملاذًا آمنًا في الأحياء السكنية الشعبية المهجورة، أو الاستراحات والمخيمات والقرى والهجر البعيدة عن عين الرقيب، وربما وجدناهم يتمركزون في بعض المشروعات الحكومية المتعثرة، أو التي تحت الإنشاء، وأحيانًا يجدون في بعض المؤسسات الحكومية ملجأ، وبخاصة تلك المؤسسات والدوائر التي لا تخضع منشآتها إلى رقابة.
) من هذا المنطلق نجد أن الحملات الأمنية والمداهمات التي تنظم على فترات متباعدة، حيث تنشط في فترة، ويتراجع دورها في فترات أخرى تجري مسحها الأمني على مثل هذه الأوكار، وتنظم لها عمليات أمنية متعددة الأهداف، وربما كان أبرزها تلك الحملات التي استهدفت الأحياء القديمة بالرياض قبل سنتين.
) كل تلك البيئات التي ذكرت من الوارد والمتوقع استقرار العمالة السائبة فيها، لكن المفاجئ والموقف الصادم أن نجد بعضهم اتخذ من بيوت الله (المساجد) مقرًا لهم، في بعض الملاحق السكنية، وبالذات المساجد الكبيرة، أو ما يقع من تلك المساجد في أطراف المدن والمحافظات. من المفاجئ أن نجد ما بين (3 - 4) من العمل يسكنون في غرفة لا تتجاوز مساحتها (20م)، بل ربما تعدت تلك الظاهرة للسكن في بعض مغاسل الموتى، وربما نجد في بعض مقرات الحراسة في (المقابر) من هذه الفئات.
) هذا الواقع المؤسف يجري بعلم أو من دون علم من (وزارة الشؤون الإسلامية) والجهات ذات العلاقة بالموضوع، لا أدري حقيقة. الظاهرة موجودة، ومن السهل تقصيها والقضاء عليها متى صحت العزائم. ربما تكون موجودة بشكل أكبر للأسف بالمساجد التي تكفل بإنشائها بعض المواطنين، التي أنشأ لبعضها مرافق وخدمات مساندة لهذه المساجد، للندوات والمحاضرات، وحلق التحفيظ أو غير ذلك من الأنشطة، وربما أن (وزارة الشؤون الإسلامية) غفلت، أو تغافلت، أو لنقل غضت الطرف في الرقابة والمتابعة مجاملة ومدارات بعض المحسنين، والذين أجزم كل الجزم أن الأغلبية من هؤلاء المحسنين تخفى عليهم مثل تلك الظواهر، ولن يرضوا بالضرر الذي يقع في مثل هذه الحالات.
) في كل جهة حكومية إدارة للرقابة والمتابعة، مناط بها تفقد جميع المؤسسات الحكومية الخاضعة تحت إشرافها. على سبيل المثال (وزارة الشؤون الإسلامية) يوجد فيها وظائف بمسمى (مراقب)، وهم في الغالب يعدون تقارير دورية عن كل مسجد، سواء كان صغيرًا، أو كبيرًا، داخل المدن أو خارجها. قد يكون التركيز منهم على متابعة انتظام الإمام والمؤذن، والتأكَّد من جودة صيانة هذه المرافق، وهذا العمل يذكر لهم ويشكرون عليه، وهي من المهام التي يمليها علينا الواجب الديني تجاه أماكن العبادة، قبل أن يكون ذلك إحدى المهام الوظيفية المناطة بالموظفين.
) طالعنا أخبارًا كثيرة، ضبطت فيها الجهات المختصة، كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعض حالت الإيواء للخادمات الهاربات من كفلائهن، وأحيانًا تحولت هذه المقار إلى أماكن لتصنيع الخمور وترويج المخدرات، أو السحر والشعوذة، وغير ذلك من الممارسات السلوكية التي لا تتفق مع حرمة بيوت الله.
) قد تغفل عين المراقب، وقد يتساهل في أداء المهمة، وقد لا يستطيع كشف مثل هذه المخالفات باعتبار بعض هذه الفئات لا تأوي إلى السكن إلا في ساعات متأخرة من الليل، وتنطلق إلى أعمالها في الصباح الباكر، لكن المواطن الصالح المخلص، وخصوصًا المتضررين داخل الأحياء من وجود تلك العمالة يستطيعون توثيق تلك المخالفات إعلاميًا والرفع بها للجهات ذات الاختصاص.