أ. د.عثمان بن صالح العامر
تتجاذب القطاع الخاص الرغبة في سداد تكاليف إقامة المشروع في سنواته الأولى، ثم البحث عن إمكانية تحقيق أعلى هامش ممكن، والوفاء بمتطلبات التطوير والتجديد التي تفرضها الرغبة في المنافسة وضمان البقاء في السوق المحلي، بل ربما الخليجي والدولي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب على ملاّك المؤسسات والشركات في هذا القطاع المفصلي سداد مستحقات وزارة العمل، ودفع الزكاة شرعاً، وعليهم تقع المسئولية الاجتماعية التي كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة، يضاف إلى هذا وذلك، واجب المشاركة الوطنية في توظيف المواطن السعودي الذي غالباً لا يتوافق تأهيله العلمي وتكوينه النفسي وظروفه الاجتماعية وإعداده التقني والمهاري، مع متطلبات العمل في المنشأة أو المؤسسة في القطاع الخاص، بخلاف القطاع الحكومي كما هو معروف، مما يستلزم العمل - من قِبل أصحاب هذه المؤسسات - على إعادة برمجته وتطويره وتدريبه وتنمية مهاراته حتى يصبح صالحاً للعمل بالكفاءة المطلوبة في السوق، والمشكلة لا تنتهي عند هذا الحد، بل إنّ هذا الموظف الذي نجحت المؤسسة ذات المركز المالي المحدود في استقطابه وإعادة بنائه من جديد، سرعان ما تخسر هذه الكفاءة الباحثة عن وضع أفضل مادياً ومعنوياً، عندها يشعر صاحب المنشأة أنّ جهده هذه الشهور - بل ربما السنوات - راح هدراً فيصاب بالإحباط ويعتريه اليأس.
إنّ توليد الوظائف والقضاء على البطالة - أو على الأقل تقليل نسبتها - بين السعوديين، تتطلّب أولاً إعادة النظر في آلية التوظيف بالقطاع الخاص المرشح الأقوى للتوليد، بحيث تكون العقود بين الطرفين واضحة وذات مسئولية مشتركة، تضمن لكل طرف الوفاء بمتطلباته بعيداً عن الأضرار أو التقصير والإهمال، كما أنّ من الأهمية بمكان التفريق بين مؤسسات القطاع الخاص، إذ ليس من المنطق مساواة مؤسسة ناشئة وليست منتجة، بل مجرّد وسيط بين تاجر الجملة والمستهلك مثلاً وفي منطقة نائية، بشركات كبرى كسابك وأرامكو وغيرها، ومن نافلة القول هنا أنّ من معززات التوليد إعادة النظر في الموقف المتخذ من القطاع الزراعي الإنتاجي، إذ إنّ الزراعة من أقوى القطاعات المولّدة للفرص الوظيفية، فمن رحم الأرض يكون الرعي والجمعيات التعاونية والصناعات التحويلية والتسويق الزراعي والنقل وغير ذلك كثير.
في المقابل لابد من جهد رقابي واسع للقضاء على التستر واللوبي الأجنبي الذي يسيطر على أسواقنا المحلية في كثير من مناطق المملكة، خاصة أسواق الخضار والفواكه .
أجزم أننا أمام تحدٍّ حقيقي، ولكنني أعرف كما يعرف القطاع الخاص، أننا في عهد العزم والحزم، وعندي يقين أنّ الهيئة الجديدة التي تشرف بارتباطها برئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية، أخذت على عاتقها تصحيح الأوضاع وحل المشكلة من جذورها، ولكن كل هذا لا يكفي إن لم يستشعر كلٌّ من رب العمل وطالبه أهمية المشاركة الفعلية في إنجاح مشروع التوليد هذا فيكون منهما التعاون ، علاوة على أنّ مؤسسات التكوين، الجامعات وكليات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، عليها واجب وطني في المشاركة الحقيقية لردم الهوة بين متطلّبات سوق العمل والإعداد المعرفي والنفسي والاجتماعي للخريج، وبهذا وذاك يمكن للعجلة أن تسير بسرعة أفضل ووضع أحسن، ونقي أنفسنا وبلادنا شر البطالة وضرر العاطلين، ويبقى الحال معلقاً للبطالة المؤنثة التي كتبت عنها الأسبوع قبل الماضي في هذه الزاوية، وطرحت حلولاً مقترحة أعتقد أنها ستشارك بقوة في علاج المشكلة الجاثمة في البيوت على صدور أولياء الأمور وبنت الوطن، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.