أ. د.عثمان بن صالح العامر
«حدث يثير سيل الأسئلة»
هناك أحداث لا يمكن لك أن تتجاوزها، وليس من السهولة تجاهلها وعدم الحديث عنها، خاصة إذا كان الحدث قريباً زماناً ومكاناً، وكان ما حصل حديث القاصي والداني، المواطن والمقيم، الذكر والأنثى، الصغير والكبير، حديث الشارع الذي تسير فيه، والمجالس التي ترتادها، والحي، والمسجد و... تسمعه في اليوم مرات عديدة وبروايات مختلفة تختلف باختلاف دقة الناقل وزاوية الراوي وتحليله الشخصي لما عُدَّ في السياق المجتمعي العام جريمة نكراء فيها كل معاني خرق مبادئ الدين وسياج القيم والأعراف والسلوك والتقاليد العربية الأصيلة، وانحطاط في المروءة لأدنى درجات الإنسانية، وأقل مدارك أوجب الواجبات بين بني البشر فضلاً عن الأقارب والأصدقاء، فكيف إذا كان ما حدث وصوّر فَطَار في الآفاق وصار حديث العالم الافتراضي المفتوح هو:
- جريمة قتل (سفك للدم الحرام في الشهر الحرام صبيحة يوم الفرح والعيد).
- وعلى يد من؟!.. على يد ابن العم.
- ولمن؟.. لمن عاش معه تحت سقف واحد، صديقه العمر كله، زوج أخته على سنة الله ورسوله.
- وأين؟.. في قرية صغيرة قابعة في أقصى غرب منطقة حائل، تنعت بـ»إسبطر» تابعة لمحافظة الشملي التي تبعد عن حائل المدينة حوالي 180 كم.
- ومن أجل ماذا؟.. استجابة -كما يقول هو لحظة قتل ابن عمه وهو يتنخى به ألا يفعل- «لما أمر به أبوبكر البغدادي الذي عاهده على السمع والطاعة في المنشط والمكره!!».
- من هو البغدادي في ميزان الله؟.. ومتى عُرف؟.. وما فكره؟.. وما العقيدة التي يؤمن بها ويعتنقها؟.. وإلى ماذا يهدف من توظيف أمثال هذا الشاب؟.. وكيف تعرف عليه؟.. ومن حلقة الاتصال بينهما؟.. ومنذ متى وهو يجند ليقدم على هذه الجريمة النكراء؟.
- أيترك الرجل دينه الصحيح وعقيدة السلفية الوسطية الحقة التي يدين الله بها ودرسها سنوات من عمره بهذه البساطة، ومن أجل رايات وشعارات كاذبة؟؟!.
- أيبيع الإنسان وطنه الذي نشأ وترعرع في جنباته في سبيل الشيطان؟.. ويسهم في الهدم لا البناء، والتخريب لا الإصلاح، ويكون رقماً موظفاً من قبل قوى خارجية للفساد والإفساد، علم ذلك أولم يعلم؟!.
- أيخون المرء عشيرته وأهله الذين عُرف عنهم طوال تاريخهم الناصع الصفحات الولاء والطاعة والنصرة والمحبة لقيادة هذه المباركة والدوحة السعودية الوارفة الظلال؟.
- أيرمل الأخ أخته؟.
- أيحزن الولد أمه؟.
- أيعذّب العاقل أباه؟.
- أيقتل الصديق صديقه وابن عمه؟!.
وقبل هذا وذاك هناك سؤال مازال محيراً الكثيرين:
- كيف تغلغل هذا الفكر الضال في ذهنية هذا الشاب وأمثاله بهذه السرعة؟.. وأين نحن (مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع السعودي) منه؟.. وكيف لنا أن نحصن غيره؟!.
- هل من المعقول أن يكون الأثر الغائر في نفسية الأتباع بهذا العمق والقوة بمجرد التواصل عبر الشبكة العنكبوتية؟ ولم يثبت أنه سافر للخارج أو تجاوز حدود قريته الصغيرة إلا مرة واحدة لتبوك وأخرى لحائل -كما ذكر والده المكلوم لوسائل الإعلام المختلفة- !؟.
- سيل أسئلة مؤلمة، وعلامات تعجب محزنة، تتعاظم في جسدنا الوطني وتكبر يوماً بعد يوم، في مقابل ذلك تبذل في ربوع الوطن جهود جبارة من أجل مكافحة الإرهاب، فالشكر والثناء لله عز وجل أولاً ثم لقيادتنا الحازمة ممثلة بقائد مسيرتنا المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وزير الداخلية وولي ولي العهد على جهودهم الموفقة في تتبع ورصد الخلايا الإرهابية وإنجاز العلميات الاستباقية بكل دقة ونجاح، التي بفضل الله ثم بفضل هذه العمليات وقى الله سبحانه وتعالى العباد والبلاد شراً مستطيراً.. والشكر موصول لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل، ولسمو نائبه على متابعتهما ومساندتهما ودعمهما لجهود شرطة المنطقة في ملاحقة الإرهابيين ووقاية المجتمع من شرهم.. والشكر كل الشكر لسعادة مدير شرطة منطقة حائل اللواء إبراهيم بن عواض الألمعي شخصياً وزملائه رجال الأمن الأبطال، الذين أبلوا بلاء حسناً وتفانوا في حماية هذا الجزء الغالي من أرض الوطن.. والحمد لله على سلامتك أيها الوطني المخلص والصديق العزيز، ورحم الله شهداء الواجب رجال الوطن الأشاوس وأسكنهم فسيح جناته، ورزق أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأعاننا على ما أعانهم عليه، وحفظ الله قادتنا وحمى بلانا ونصر جندنا ورحم شهداءنا وأدام عزنا ووقانا شر مَن به شر، ودمت عزيزاً يا وطني.. وإلى لقاء والسلام.