ننقل التقنية ونوطن المعرفة بمساهمة الشركات السعودية والكوادر الوطنية كافة ">
شدد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، نائب رئيس شركة بي إيه إي سيستمز السعودية للاستراتيجية وتطوير الأعمال، على أن النجاح يحتاج إلى احترافية وخبرة وأداء عالٍ، مشيراً إلى أن ذلك ما أكدته شهادات واعترافات وجوائز عالمية ومحلية، حصلت عليها الشركة خلال وجودها في السوق السعودية. وأضاف: «نحن في الشركة نعمل في أحد أدق وأصعب المجالات، هو: الدفاع وأمن المعلومات. ومع ذلك، استطاعت الشركة أن تأخذ الريادة في السوق السعودية، من خلال العمل على نقل التقنية وتوطين المعرفة». مبينا أنها تتطلع دائماً إلى توطين الصناعة مقدمة مليارات الريالات لسوق التصنيع، ودعم الموردين السعوديين، واعتمادهم مقاولين من الباطن وفق بيئة تكاملية، تهدف إلى إيجاد شركاء حقيقيين. كما ساهمت في صناعة كوادر بشرية من الشباب السعودي، من خلال المنافسة عليهم، وتقديم الحوافز والمكافآت لهم، وكذلك التدريب والتطوير. وتابع قائلاً: «تُعتبر بي إيه إي سيستمز من أفضل الشركات العالمية في مجالات توظيف السعوديين؛ إذ تعمل استراتيجيتها على رفع نسبة السعودة في كل عام، إضافة إلى دورها في الاستثمار المجتمعي من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية، وتقديم المنح الدراسية لطلاب الجامعات، وكذلك دعم البحوث لأساتذة الجامعات، وغيرها من المشروعات الأخرى».
(الجزيرة) جلست إلى الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، واستفسرت منه عن عدد من القضايا والأعمال والأدوار والمشروعات التي تقوم بها الشركة.. فإلى نص الحوار:
* بداية دكتور عبداللطيف آل الشيخ، يعتبر شخصكم الكريم من القيادات السعودية العاملة في الشركات العالمية، هل لكم أن تحدثونا عن مؤهلاتكم العلمية وخبراتكم في هذا المجالات؟
ـ أنا حاصل على درجة الدكتوراه في مجال إدارة الأعمال من جامعة سري بالمملكة المتحدة، وماجستير تسويق من جامعة ويست منستر أيضاً بالمملكة المتحدة. وقد تخرجت قبل ذلك من جامعة الملك سعود من قسم العلاقات العامة، ولي بعض المؤلفات العلمية. كما أنني عملت محاضراً في جامعة سري بالمملكة المتحدة، وكذلك أستاذاً زائراً في جامعة اليمامة.
أما الخبرات العملية فقد عملت بعد تخرجي من الجامعة في إحدى شركات التوازن الاقتصادي، وهي الشركة الدولية لهندسة النظم في قسم العلاقات العامة، قبل أن أقرر إكمال دراستي العليا. وحالياً أعمل نائباً للرئيس التنفيذي للاستراتيجية وتطوير الأعمال، وأمثل شركة بي إيه إي سيستمز كعضو مجلس إدارة لعدد أربع من شركات التوازن الاقتصادي، وأترأس إحداها. كما أنني عضو مجلس إدارة في العديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية.
* تعملون في شركة «بي إيه إي سيستمز» السعودية منذ خمسة عشر عاماً، وقد تنقلتم بين عدد من الإدارات في الشركة.. هل تطلعنا على نتائج هذه التجربة؟
ـ الواقع أنني تنقلت خلال فترة عملي في عدد من الإدارات الاستراتيجية في الشركة خلال مدد قصيرة، إلى أن استقرت بي الحال نائباً للرئيس للاستراتيجية وتطوير الأعمال. وأذكر من هذه الإدارات: الموارد البشرية والعلاقات الحكومية، والمحفظة الاستثمارية، ومكتب الرئيس التنفيذي، وإدارة الاستراتيجية وتطوير الأعمال. وفي اعتقادي، إن الناتج كان مميزاً؛ إذ كسبت تنوعاً في الخبرة والمعرفة اللذين ساعداني في تقديم شخصي بوصفي نموذجاً للموظف السعودي القادر على إضافة قيمة استراتيجية لأي شركة عالمية.
* «بي إيه إي سيستمز» شركة عالمية، تعمل في مجال الدفاع والأمن والمعلومات. كيف تنظرون لمستقبل وجودها في السوق السعودية؟
ـ السوق السعودية، وبالأخص مجال الدفاع والأمن، دائماً ما تبحث عن الأفضل. وقد أثبتت الشركة أنها تُقدم أفضل الحلول، وبأسعار تنافسية، ومدة معقولة؛ لذلك أرى أن مستقبل الشركة سيكون واعداً وطويل الأمد، خاصة إذا ما نظرنا إلى إسهامات الشركة في مجالات أخرى، كالتقنية وسياسة التصنيع والسعودة والاستثمار المجتمعي. فالشركة - بنظري - لم توجد بالسوق السعودية بوصفها متعاقدة فقط، ولكنها تعتبر شريكاً لتطوير هذا البلد في جميع المجالات.
* توجد الشركة في السوق السعودية منذ نحو (50) عاماً، بصفة عامة.. ماذا قدمت الشركة للمملكة طوال هذه السنوات؟
ـ كما ذكرتُ سابقاً، الشركة قدمت الكثير الذي لا يتسنى ذكره الآن، كما ساهمت في تطوير الكوادر السعودية وتدريبهم ونقل التقنية من خلال شركات التوازن الاقتصادي، وساهمت أيضاً في تنمية الاقتصاد السعودي من خلال اعتمادها على أكثر من 60 في المئة كموردين سعوديين، وهي الآن تساهم في الاستثمار المجتمعي من خلال طرق تقليدية وغير تقليدية. ومن هذه الطرق رعايتها لطلاب من كليات وجامعات مختلفة، وأيضاً رعايتها لجوائز المشاريع المميزة من خلال اتفاقيات طويلة الأجل، والكثير من المشاركات الفعالة في أيام المهنة والمسؤولية الاجتماعية.
* هل تطلعنا على أبرز خططكم الاستراتيجية في مجال دعم الصناعة السعودية والموردين المحليين؟
ـ لدينا استراتيجية واضحة، ولن نحيد عنها، تجاه دعم الصناعة والموردين المحليين. فنحن دائماً نتطلع إلى توطين الصناعة ودعم الموردين السعوديين؛ فالشركة ساهمت خلال الفترة القصيرة السابقة بمليارات الريالات في عقود مباشرة مع موردين محليين في شتى المجالات، وما زالت تتطلع إلى تقديم المزيد.
* يقولون إن الشركة الناجحة تعمل وفق استراتيجيات محددة.. برأيكم، ما أهمية هذه الرؤية لتحقيق أهداف بعيدة المدى؟
ـ أستطيع أن أؤكد لك أنه ليس هناك شيء أسوأ لأي شركة من غياب الاستراتيجية في عملها، وكذلك بناء استراتيجية غير مناسبة والإصرار على تطبيقها. فالاستراتيجية هي العدسة التي تقرأ المستقبل قدر المستطاع، وتحاول أن تتماشى مع المتغيرات المتوقعة التي من شأنها أن تؤثر على نموها. ولا أعتقد أن هناك شركة ناجحة بدون فريق عمل استراتيجي، يوفر هذه الرؤية.
* «بي إيه إي سيستمز» السعودية ترسم في كل عام استراتيجية جديدة.. هل بالإمكان إطلاعنا على الآليات التي ترسم هذه الاستراتيجية من حيث جمع المعلومات وأدوات العمل؟
- كما تعلم، فالشركة عالمية؛ تؤثر وتتأثر بالضوابط المؤسسية، وخصوصاً فيما يتعلق برسم الاستراتيجيات طويلة الأمد؛ إذ إن استراتيجيتنا تبنى على 5 سنوات فما فوق، ونحدِّثها سنوياً بما يتماشى مع المتغيرات؛ لذلك نستخدم طريقة التوجُّه المزدوج؛ إذ إننا قبل نهاية كل سنة نراجع الأداء، ونعقد جلسات مع مديري الإدارات في الشركة لمعرفة الأماكن التي يرون أنفسهم فيها كقوة مؤثرة وإضافة نوعية للسوق في مجال الأمن والمعلومات، تتبعها جلسات مع الإدارة التنفيذية لاستنباط التوجه العام للشركة، ومن ثم يتم دمجها مع التوجه الرئيس للشركة عالمياً.
فنحن نعتقد أن الجميع يُعتبر جزءاً فاعلاً في رسم الاستراتيجية؛ فهي ليست أفكاراً أو توجهات شخص أو أشخاص معينين، بل هي خليط أفكار موظفين، قد يرون ما لا تراه الإدارة العليا.
* نقل التقنية وتوطين المعرفة في المملكة أهداف استراتيجية لشركتكم الموقرة.. كيف تعملون على هذا المحور؟ وما النتائج التي توصلتم لها؟ وكيف يتم تفعيل ذلك مستقبلاً؟
ـ توطين المعرفة مصطلح كبير ومتنوع، وكل شركة تراه من منظور مختلف. ونحن في «بي إيه إي سيستمز» على قناعة بأن نقل التقنية وتوطينها لا يمكن أن يتم بدون إشراك الشركات السعودية في سلسلة التوريد واعتمادهم كمقاولين من الباطن، وصناعة بيئة تكاملية معهم كشركاء حقيقيين في هذا المجال، وقبل ذلك توفير التدريب والتطوير للكوادر السعودية.
* ماذا عن السعوديين العاملين على رسم استراتيجية الشركة؟ وماذا عن اختلاف الثقافات وتأثيرات ذلك على القرار النهائي للاستراتيجية؟
ـ مجرد تعيين نائب رئيس سعودي للاستراتيجية وتطوير الأعمال هو بحد ذاته يرسل الإشارات المناسبة للسعوديين اعترافاً بقدرتهم على القيام بما كانت الشركة تقوم به لسنوات عديدة عن طريق أجانب. ولا أعتقد أن اختلاف الثقافات قد يؤثر سلباً على صناعة القرار النهائي، بل إن الخليط الموجود الآن بالشركة أثبت أن هذا الاختلاط الثقافي والعملي مفيد وأنسب.
* تُعتبر المرأة عنصراً رئيسياً في دعم الأعمال وتطويرها.. إلى أي مدى كان ذلك حاضراً في «بي إيه إي سيستمز» للعمل ضمن فريق رسم استراتيجيات الشركة؟
ـ أتفق معك. تُعتبر المرأة عنصراً رئيسياً في سياسة الشركة كقيمة مضافة. وقد قطعت الشركة شوطاً كبيراً في توظيف وتطوير المرأة وإشراكها في رسم السياسات والتوجهات الاستراتيجية، وفي إدارة الاستراتيجية؛ ولهذا لدينا الآن عنصران نسائيان، أولهما مشارك فاعل جداً، إضافة إلى البقية من الموظفات في الإدارات الأخرى بالشركة.
* خلال عملكم.. كيف وجدتم مستوى الشباب السعودي؟ وما النصيحة التي يمكن أن تقدمها لهم؟
ـ الواقع أن الشباب السعودي أثبت أنه يحتاج للفرصة المناسبة في الوقت المناسب. فعلى سبيل المثال، هناك الكثير من الشباب السعودي الذي تدرب وعمل في الشركة، وتقلد مناصب عليا داخلها، وأيضاً في شركات أخرى. وأود هنا أن أوصل رسالة، لطالما حاولت الشركة إيصالها للمجتمع، هي أن الفرصة متاحة خارجياً كما هي داخلياً للشباب الذين أنفقت الشركة عليهم الكثير من الجهد والمال. طبعاً الأولوية للمناصب الداخلية، لكن إذا استطاعوا أن يساهموا في نمو اقتصاد الوطن في أماكن ومؤسسات أخرى فذلك أيضاً عامل إيجابي يُحسب للشركة.
ونصيحتي للشباب الذي يعمل في الشركات العالمية أن يركز على ثلاثة أمور مهمة للتطور الوظيفي، هي: السلوك الاحترافي، الخبرة العملية والأداء العالي.
وهذا المثلث - في نظري - هو الأساس في أي نجاح، وباختلال أحد أركانه قد لا يصل الشاب السعودي إلى هدفه.
* بصفة عامة.. كيف تنظرون إلى أهمية بيئة العمل بالنسبة للشركات العالمية في بيئة محلية ذات قوة اقتصادية، مثل المملكة؟
ـ بيئة العمل من العوامل الرئيسية للأداء العالي ورفع مستوى الانتماء. والشركة تجد أن بيئة العمل السعودية خصبة جداً، بالرغم من التحديات الثقافية والاجتماعية ومجال العمل. فنحن شركة دفاع وأمن معلومات، ومنتجاتنا وحلولنا لا تباع للجميع، بل لجمهور مستهدف محدود.
* بلغت نسبة السعودة في الشركة نحو 62 %. برأيكم، هل لبيئة العمل أي دور في ذلك؟ وماذا عن خططكم حول تطوير الشباب السعوديين وتأهيلهم للعمل في بيئة عالمية ذات جودة عالية؟
- لم تكن رحلة السعودة في الشركة بالهينة أو السهلة؛ فقد مرت الشركة بمراحل عديدة؛ لتصل إلى هذا المستوى، ومن ذلك التدريب على رأس العمل في معاهد عالمية كدورات متخصصة؛ لكي لا يتأثر الأداء بالنسبة العالية للسعودة. ومن هنا أقدم جزيل الشكر لعملائنا الرئيسيين الذين ساهموا معنا في هذا النجاح.
* تهتم الشركة كثيراً بموظفيها وفق المعايير العالمية، ولديكم إدارة باسم (أخلاقيات العمل).. هل لكم أن تحدثونا عن هذه الإدارة والأدوار التي تقوم بها؟
ـ يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْم}. وكما يقول سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق».
فهذه الإدارة تحظى باهتمام من الشركة كلها، ومني شخصياً، فلا يستطيع الإنسان أن يعمل بجد واجتهاد، وأن يكون أداؤه على المستوى المأمول، إذا لم يتم الاهتمام بالعمل في جوٍ تسوده الأخلاق الشخصية والعملية. فموظفو الشركة يعملون الآن في ظل وجود إدارة تُعنى بهذا الموضوع، وهناك خط مباشر لإبداء الرأي بكل شفافية وسرية عن كل ما يخص أخلاقيات العمل. كما أنشأت الشركة مجلس أخلاقيات العمل، الذي يضم موظفين من جميع الإدارات للتناقش حول تطوير البيئة الأخلاقية، ورفع توصياتهم للإدارة العليا.
* من بين الأعمال التي تميزت بها الشركة القيام بمسؤولياتها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه.. تُرى، ماذا قدمتم في هذا الخصوص؟
ـ الشركة لها إسهامات كثيرة في مجال المسؤولية الاجتماعية، وقد تكون رائدة فيها؛ فقد رصدت ميزانية ضخمة لتولي هذه المسؤولية؛ فالشركة حالياً تدعم وتشارك في فعاليات كثيرة ومتنوعة مع كثير من الجمعيات الخيرية، وهناك اتفاقيات مع عدد من الجامعات. وأؤكد لك أن الشركة تعتبر هذا الواجب أقل ما يمكن تقديمه لهذا البلد. ومهما قدمنا فنحن نعتبر أنفسنا مقصِّرين في هذا المجال.
* كلمة أخيرة ترون ضرورة تضمينها حوارنا هذا..
ـ أود أن أشكركم على استضافتكم، وأن أشير إلى أن الوصول للطموح لا يمكن أن يتسنى بدون تعب وجهد، وأن التطلع دائماً للأفضل على المستوى الشخصي والعملي أحد أهم الأهداف المستمرة. ورسالتي الأخيرة للشباب السعودي، خاصة من يعمل في القطاع الخاص، أن يجعل مخافة الله بين عينيه في جميع أموره، وأن يتمسك بجميع الفرص التي يحصل عليها؛ ليثبت أن هذا الوطن قادر على إنتاج قادة متمكنين في جميع المجالات.