د. أحمد الفراج
يتربع هذه الأيام المرشح الجمهوري دونالد ترمب على قائمة مرشحي الحزب، مبتعدا عن بقية المرشحين، بما فيهم جيب بوش، والذي كان يأمل أن يشفع له اسم أسرته، وتاريخ والده في تحقيق حلم الأسرة بدخول أب واثنين من أبنائه إلى البيت الأبيض، ولا زال جيب ومعه بقية المرشحين الجمهوريين يترنحون خلف الثري، دونالد ترمب، في واحدة من أكثر المفاجآت السياسية عبر التاريخ الأمريكي، إذ كان هدف ترمب الرئيس من دخول معترك الإنتخابات هو الترويج لنفسه وشركاته، فهو رجل أعمال بارع جدا، ولكن يبدو أن هرطقاته التي نال بسببها تعنيفا كبيرا، هي التي جعلته يقلع حاليا في سباق الرئاسة، مثل اتهامه للرئيس باراك أوباما بأنه لم يولد في الولايات المتحدة، وكذلك قسوته على المهاجرين، إذ يبدو أن ما ظن المراقبوون أنه مجرد هرطقات، قد راق للشعب الأمريكي، خصوصا بعد أن ضاقت بعض شرائح الشعب بفترة الرئيس أوباما، ومعظم هذا الضيق كان لأسباب عنصرية، مهما حاول الإعلام الأمريكي إخفاء ذلك!.
الشعب الأمريكي شعب طيب حد السذاجة، ويستقي معظم معلوماته من جريدته المفضلة، أو من نشرة الأخبار الرئيسية على القنوات الكبرى، وهو بذلك رهينة للأعلام المؤدلج، وأعلام المصالح، ويبدو أن هذا الإعلام مأخوذ حاليا بدونالد ترمب، ومع أن الوقت لا زال مبكرا، إلا أنه لا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن أيا من المنافسين لترمب في الحزب الجمهوري يملك البراعة اللازمة للحاق به، وحتى من ظن المراقبون أنهم أحصنة رابحة، مثل جيب بوش، وراند بول، وكريس كريستي، وبوبي جندل، ولينزلي قراهام، لم تعد لهم شعبية تذكر، بعد الانطلاقة الصاروخية لترمب، وترمب لا يتفوق على نظرائه في الحزب الجمهوري وحسب، فحسب آخر الاستطلاعات التي قامت بها قناة فوكس نيوز، فإن ترمب سيهزم المرشحة الديمقراطية البارزة هيلاري كلينتون بفارق خمس نقاط على الأقل، لو أقيمت الانتخابات الأمريكية اليوم !!، وغني عن القول إن هيلاري هي الرهان الأكبر للحزب الديمقراطي، رغم أن سمعتها تضررت كثيرا، بعد الكشف عن استخدامها لبريدها الالكتروني الخاص في المراسلات الرسمية، وهي غلطة شاطر من عيار ثقيل جدا!.
لا أحد يستطيع الجزم بما يمكن أن يحدث، فهناك أكثر من عام يفصلنا عن موعد الانتخابات القادمة، وهو وقت سيحصل فيه تطورات وانتكاسات، فقد كان الجميع يتوقع خسارة جورج بوش الابن لانتخابات عام 2004، ولكن تسريب اللواء، أسامة ابن لادن، لشريط يهدد فيه الولايات المتحدة، قبل موعد الانتخابات بأيام، غير المعادلة تماما، وفاز بوش في نهاية المطاف!!، ويظل تقدم دونالد ترمب حاليا، وفتنة الناخبين فيه، أمر لا يشبه أمريكا «الحديثة» كثيرا، فلم يسبق، خلال الخمسين عاما الماضية، أن مال الناخبون إلى مرشح عنصري، في بلد الحريات والعدالة والديمقراطية العريقة، والتي انتخبت رئيسا من أصول أفريقية، ولكن هذا ما يحدث حاليا، وأظن أنه لو قام الرئيس جون كينيدي من قبره، فإنه لن يصدق ما يجري في أمريكا اليوم، فلنتابع هذه الانتخابات المشوقة، وننتظر تطوراتها !.