محمد بن عوض الأسمري ">
شاء الله أن تكون مكة أم القرى ومهبط الوحي ومهوى الأفئدة، وامتدت مشيئته إلى أن جعل المملكة العربية السعودية حامية الحرم وقادتها خدّامه وأبناءها سدنته، فارتبطت هذه الدولة بهذا البيت حتى طغى اسمه على اسمها وارتبط هذا البيت بهذه الدولة، فأصبح همها الأول الذي تذلل له الصعاب وترخص من أجله المال والوقت والجهد، وأصبح كل ملك من ملوك هذه الدولة يقيس إنجازاته ونجاحاته بما يقدمه للبيت وزواره، حتى أصبح بيت الله قسيم هذه البلاد في ما تملك وما تنفق وما تدخر.
وفي كل عام ينطلق نداء الإسلام من مكة المكرمة إلى أصقاع الأرض، فيأتي عباد الله لتلبية النداء فيكونون شهود الله في أرضه، على ما تقدمه هذه الدولة للبيت وزواره ممن حج أو اعتمر، وإن تكرر بهم أداء الفريضة فلن تتكرر المشاهد ولا الشواهد، فالعمل لا يتوقف والتغيير والتطوير مستمر وليس البناء والعمار أساس الدين، إنما أساسه قول الله {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، وهذا ما تفعله الدولة كل عام بتحرّي رؤية هلال شهر الحج لتحدد يوم الحج الأعظم وتعلن عنه، كما أساسه قول الله تعالى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}، فالمملكة أخذت على عاتقها طهارة بيت الله من الشرك والرجس والأصنام والأزلام.
وإن كان للبيت رب يحميه فنحن بعون الله أدوات الحماية وإن تأمر على البيت أبرهة آخر، فنحن طير الله الأبابيل من فوق أبرهة وأصحاب الفيل.