د. جاسر الحربش
في إعلان حرب على السعودية قال حسن نصر الله قبل أيام: السعودية هي التي قتلتنا عام 2006م، والمسؤولة عن كل القتل في المنطقة. حسن نصر الله مجرد تابع عسكري وبوق إعلامي لدولة الولي الفقيه الإيرانية، وهذه الدولة ما زالت في قبضة الحرس الثوري والسياسيين المتشددين. تصريح حسن نصر الله نيابة عن دولة الولي الفقيه يُؤكد أن هذه الدولة - الحكومة لن تُغادر الحكم في إيران قبل افتعال حرب مع جوارها الخليجي، والهدف هو المملكة العربية السعودية.
افتعال حرب مع الجوار قد يكون محاولة إنقاذ عندما تتعرض السلطة لاقتراب النهاية بالانهيار الاقتصادي أو بثورة شعبية أو بكليهما. هذا الوضع في إيران قد ينطبق جزئياً على الحكومة الروسية الحالية، فكلاهما يحتاج إلى إنجاز خارق للبقاء. بهذا المنظور لا تقدم نجدة الروس للأسد ونظامه مبرراً مقنعاً للاستثمار العسكري الأخير في سوريا وهو كثيف ومكلف، ولا الزعم بإنقاذ روسيا من عودة خمسة آلاف إرهابي إلى روسيا في المستقبل. قد يكون وصول إيران وحزب الله في سوريا إلى حافة الهزيمة هو سبب الاستعجال الروسي، ذلك احتمال يناقش كثيراً، ولكن الواقع الميداني المتذبذب منذ سنتين لم يتغير كثيراً، وليس في سوريا لإيران أهم من إنقاذ حزب الله اللبناني من السقوط. كل هذه الاحتمالات لا تبرر الزخم المتسارع الذي يوطد به الروس حضورهم العسكري في سوريا. الحضور الإيراني في سوريا لا يساوي ربع مثيله في العراق، حيث يُوجد في القاطع العراقي الجنوبي الشرقي فقط قرابة مائة ألف عسكري إيراني من الحرس الثوري، أي على مرمى حجر وليس مرمى قذيفة من حدود مجلس التعاون الخليجي.
عندما نضيف الحشد الشعبي الشيعي (85.000 مسلح) الذي هو في الواقع ليس عراقياً خالصاً، ولا إيرانياً بالكامل، إلى فيلق القدس والحضور الإيراني غير المموه في العراق في قطاعات البصرة والفرات وبغداد، نحصل على تواجد عسكري إيراني على حدودنا الخليجية يفوق أكبر الجيوش العربية.
أعتقد أن الأكثر توافقاً مع المنطق أن يكون للالتقاء بين الروس ونظام الأسد وإيران وحزب الله والحشد الشعبي وحكومة حزب الدعوة بالعراق كونها تلتقي جميعاً على هدف واحد، هو ببساطة منافسة الحضور الأمريكي على شريط الطاقة العالمي الممتد من كركوك في العراق إلى سلطنة عمان على مضيق هرمز. هذا الشريط هو كنز علي بابا الذي يتمنى كل حرامية العالم السيطرة عليه أو على الأقل المشاركة فيه.
لا تحتاج إيران لأعذار لإنزال عسكري في البحرين أو الكويت، فهي تعلن عن هذه النية باستمرار. ما يجب أن يستحضره الطرف العربي هو أن العديد من دول العالم لن تعترض على ذلك، ومنها الصين والهند والبرازيل والكثير من الدول الأفريقية. الأسباب كثيرة وأهمها الرغبة في كسر الاحتكار الأمريكي للتواجد الاقتصادي والعسكري والإستراتيجي في منطقة الخليج.
التواجد الدفاعي الخليجي في البحرين واليمن، رغم غطائه القانوني بالشرعية الدولية، تستنكره إيران وتسميه عدواناً وتطلب إزالته بحجة حفظ المصالح وتأمين أتباع المذهب وحقوق الإنسان.
أعتقد أن أحلام الروس والإيرانيين ومحازبيهم، تدور حول هذا الهدف النهائي منذ زمن طويل، وربما وصلوا الآن إلى قناعة أن الظروف الدولية الحالية تخدمهم ولن تتكرر. الإدارة الأمريكية مشغولة بالأهم لها في المحيط الهادي، بدوله المنافسة والزاحفة لاكتساح الاقتصاد العالمي. حلفاؤها في الاتحاد الأوروبي مرعوبون من تزايد طوابير اللاجئين الفارين من مناطق البؤس، وأصبحوا مستعدين للتعاون مع الشيطان لوقف هذه الطوابير، حتى لو كان الشيطان روسياً. الهيبة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط تتراجع بوضوح، ولا تحقق سوى المصائب والكوارث. الدول العربية مشغولة أشتاتاً بتأمين حدودها وأمنها الداخلي. دول بريكس ومجموعة شانغهاي تنسق مع بعضها للتكامل الاقتصادي وتقاسم الأسواق العالمية.
أعتقد أن علينا التحسب جدياً لحماقة إيرانية في القريب العاجل للأسباب المذكورة.