عماد المديفر
«كدت أن أتشيّع دون أن أشعر، كنت سأصبح تابعة من أتباع الولي الفقيه لولا أن نجاني الله.. الحمد لله.. فالله يحبني». بهذه الكلمات ختمت «بُوتري» الفتاة الإندونيسية زميلة زوجتي في الجامعة الإسلامية في ماليزيا حديثها معنا، بحماسة، وهي تحدثنا عن قصة نشأتها، وهي ابنة أسرة مسلمة سنية أباً عن جد.. تقول:»لم نكن نعرف إيران..
الآن أتباع الولي الفقيه من الإندونيسيين أصبح لهم مقاعد في البرلمان.. وصوت مسموع»!
وتردف قائلة: «كنت دوماً أتساءل عن سر هذا التطرف المنتشر بيننا.. فالإسلام دين الخير والسلام للبشرية جمعاء.. لم أميز خطر فكر الإخوان المسلمين إلا حين قابلتكما.. الآن اتضحت الصورة، وذهبت علامات الاستفهام... فحين تعلم بأن فكر الإخوان المسلمين هو الآخر منتشر على نطاق واسع، ويُشاع بيننا بأنه الفكر الممثل للإسلام الصحيح.. فلا تستغرب النتائج»!! يقول أحد العارفين: «الجامعة الإسلامية العالمية في كوالالمبور هي أحد معاقل نشر فكر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي هناك، تماماً كما هي الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان، بل إن الكثير من أعضاء هيئة التدريس هم ممن يتناغمون مع هذه الجماعة، ويضفون القداسة والتمجيد لرموز هذا التنظيم الإرهابي، كأمثال حسن البنا، سيد قطب، ويوسف القرضاوي.. إنهم يصفونهم بأئمة الهدى في زمن الضلال»!
حين تزور هذه الجامعة ستلحظ على لوحات الإعلانات صوراً لعلامة «رابعة» العدوية، و تطالعك أخرى للمجرم العميل «محمد مرسي»، وشعاراتٍ لـ»الإخوان المسلمين»، وفيها تُقام ندوات داعمة لإرهاب تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وأخرى تتحدث عن «الخلافة العثمانية، وعودة تركيا الخلافة»!.. وفي جنباتها، وبين طلابها تسمع الحديث عن تنظيم مظاهرات مؤيّدة للإخوان في ماليزيا.. معتبرين أن «الحرب على الإخوان المسلمين حربٌ على الإسلام»..! وتُباع على أرصفتها وبأسعار رخيصة كتبٌ تمجد سيرة حسن البنا وسيد قطب، وعبدالله عزام، وتباع كذلك كتبهم، وكتب يوسف القرضاوي، وكتب أخرى تصف حكومات الدول الإسلامية في الشرق الأوسط بما فيها المملكة، «بالعمالة» و»الطغيان» و»حكم الطاغوت».. كل هذا باللغة الإندونيسية، بل رأينا وصوّرنا أحد الكتب وهي تتحدث عن «الصحوة الإسلامية» المرتقبة، وتضع صورة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله- حين كان على قيد الحياة، وصورة جلالة الملك عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية جنباً إلى جنب مع صور المجرمين بشار الأسد، وعلي عبدالله صالح، ومعمر القذافي، مبشّرة بـ «سقوط الدول» ولتضعهم جميعاً داخل ساعة رملية، تحوي صورهم وأعلام الدول العربية، وفي أسفل الساعة الرملية علم أشبه ما يكون بعلم «داعش».. في إشارة رمزية إلى أن الوقت قد اقترب للعمل على إسقاط هذه الدول لإقامة ما يُسمى بـ «دولة الخلافة الإسلامية».. أو داعش!
«لا تستغرب.. فالإخوان المسلمين، ونظام الولي الفقيه يمارسون ذات الأساليب لتجنيد الأتباع، ونشر آيديلوجيتهم الإرهابية المتطرفة، الفرق أن نظام الولي الفقيه أكثر عصامية، فهو يدفع مصاريفه بنفسه، فيما تنظيم الإخوان المسلمين يسرق أموال تبرعاتنا باسم إغاثة فقراء المسلمين، ودعم التعليم، والهيئات الإغاثية، والمنظمات الخيرية الإسلامية، وبناء المساجد، والمدارس والجامعات ونشر الدعاة وحفر الآبار في جنوب وجنوب شرق آسيا وإفريقيا، بل في أوروبا وأمريكا من خلال المنظمات الإسلامية هناك، لتصب في صالح هذا التنظيم الإرهابي الدولي.. إنها في غالبها مجرد واجهات»..! هذا ما قاله لي شيخ سعودي فاضل خبير التقيته بالصدفة، وعَرَّفني عليه شخص من الثقاة، ليحدثني عن تجربته في الدعوة الإسلامية في العالم، والممتدة لأكثر من 40 سنة، حين أخبرته عن قصة الفتاة الإندونيسية التي التقيتها.
تقول «بوتري»: «الإيرانيون دخلوا إلى إندونيسيا بطرق ناعمة، إستراتيجيتهم في البداية كانت التبشير باسم الإسلام، وتلاوة القرآن وتدريسه من مسجد لمسجد، وتعليم اللغة العربية! والمستهدفون هم النساء والنشء صغار السن.. قبل عام 2000م لم يكن لأتباع الولي الفقيه أي وجود في إندونيسيا.. اليوم الإندونيسيون الذي يتعبدون الله بطاعة الولي الفقيه من الشيعة الإمامية الإثنى عشرية يتجاوزون خمسة ملايين نسمة»..!
الأسبوع المقبل سأحدثكم بمشيئة الله عن تفاصيل تجربة الفتاة «بوتري» في إندونيسيا، وصديقنا الشيخ السعودي الفاضل في تايلند، فإلى اللقاء.