سمر المقرن
أخذت فجوة التناقضات تتسع في عالمنا العربي من بعد الأحداث العاصفة عام 2011م، إذ تشكو الأحزاب السياسية وعلى رأسها (الإخوان المسلمين) من عدم قبول الآخر لهم خصوصًا بعدما تبيّن ضلوع هذه الجماعة في كثير من الأحداث الإرهابية، إلا أن هذه الجماعة ذات المظلومية المستمرة هل تقبل فكر الآخر؟ ويقاس عليها جماعة الإسلام الشيعي المتشدد وملامحها قريبة جدًا من ملامح رفيقتها جماعة الإخوان المسلمين، ومظلوميتها المستمر من عدم قبول الآخر لهم، في الوقت ذاته برهنت كل الأحداث عدم قبولهم للآخر!
الانشقاق المجتمعي بات سمة تظهر كأبرز ملامح لمجتمعاتنا العربية، ظهرت بشكل جليّ مع انتشار برامج وتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بمختلف الأفكار والتوجهات وتعمل تحت شعار: (إن لم تكن معي فأنت ضدي) دون النظر إلى احترام الرأي الآخر طالما هو في حدود الرأي ولم يرفع عصا العنف، ودون النظر إلى حاجة الأوطان إلى الاستقرار والتعايش، بل تزيد نبرة الجماعات المسيسة تبعًا لمصالحها الشخصية ومصالح الجهات الداعمة والمستفيدة من هذا الانشقاق، وهي بلا أدنى شك عمائم إيران.. ولو لاحظنا الأسلوب الانفعالي الذي يتم من خلاله تجييش الناس مثلاً بين السنة والشيعة، نجد أن هناك أشخاص وجهات تحاول أن تزيد الفجوة بينهما، ولا يتم التعامل بهذا الخلاف كخلاف فكري أو حتى سياسي، إنما الدخول في العقائد والمعتقدات وغيرها من طقوس الطوائف الدينية، وقد قلت كثيرًا بعد نقدي للحراك الشيعي المسيّس أن خلافي معهم سياسي فقط، أما غير ذلك فليس لي دخل فيه. بينما العاملين لصالح عمائم إيران سواء كانوا دواعش أو إخوان مسلمين أو أحزاب شيعية نجدهم يعملون على وتيرة واحدة وبخطوط متوازية تدعم حالة الانشقاق المجتمعي وتزيد من حدة الخلاف، والمتضرر هنا الأوطان والمستفيد عمائم إيران!
حقيقة أقولها، فأنا ومنذ سنوات أنقد هذا الحراك المسيّس وقد واجهت ضغوطًا كبيرة سواء من الجانب السني أو الشيعي، كما واجهت أخس أنواع الدناءة التي يمكن أن يقوم بها من يخالفك الرأي، لكن الأغرب، أن كثيرًا ممن كان ينتقد كتاباتي هم اليوم ينتقدون إيران وما تفعله في عالمنا العربي، وهنا أقول أن الأفكار لا يمكن أن تكون جامدة هي تتغير وتتبدل لذا أتابعهم اليوم وأنا أبتسم ولا أعلم بصراحة هل هذه التغيرات أتت بناء على قناعة أم هي وليدة مصالح شخصية تزول بزوال المصلحة.. الله أعلم!
المهم هنا، أن نعي ما يحدث بيننا ومن حولنا، واستشعار خطورة هذه الانقسامات، ومن يحب وطنه عليه أن يتجاوز كل خلاف في سبيل استقرار الأوطان والحفاظ على أمنها وأمن شعوبها، والنماذج من حولنا كثيرة لدول فقدت أمنها وحياتها وتشرد ناسها وقُتل نسائها ورجالها وأطفالها، وظهرت أحداث لا يُمكن أن نتخيّل في يوم ما أن تحدث كقتل الدواعش لمن هم من لحمهم ودمهم، وكثير مما حدث وما سيحدث مستقبلاً، يحتاج إلى الوعي وعدم الانسياق خلف عُشاق اختلال أمن الأوطان من أرباب عمائم إيران!