سعد الدوسري
كان هناك خلاف حول حديثي السابق عن السينما، وهذا أمر طبيعي. فهناك من لا يؤمن إلاَّ بالمنع النهائي لتحقيق غايته، وهناك من يحسن الظن بالآخرين، سواءً مؤسساتٍ أو أفراداً، فيتيح لهم أن يقترحوا الحلول، وأن يراقبوا تطبيقها. وما بين الفريقين، سنظل نتحاور حول قضية لم نعشها بعد، وليتنا نعيشها ونرى إلى أيّ حد ممكن أن توصلنا، فلربما كانت هناك إيجابيات لم يفكر بها أيّ طرف من الأطراف؛ ألاَ تُباع السجائر في الأسواق بلا حسيب أو رقيب، على الرغم من الكوارث السرطانية التي تسببها للمدخنين، وعلى الرغم من المليارات التي تتكبّدها الدولة لعلاجهم؟! أيهما أكثر خطراً، السينما أم السجائر؟! وهناك مثالٌ آخر فكري، له علاقة بالتوجهات الضالة، والتي نتهاون مع أصحابها ونتغاضى عنهم رغم تحذيرات وزارة الداخلية، وعلى الرغم مما أوصلونا إليه، بل إنّ البعض يعتبرهم قادة الفكر والالتزام.
إذاً، فالفضاء مفتوح لك لكي تفكر، ولكنه مفتوح أيضاً للآخرين لإبداء الرأي في الطريقة التي تفكر فيها، دون أن تحكم عليهم بالموت والدمار. ولا تدع شأناً تختلف معه، كالسينما أو الموسيقى، هو ما يكسبك الشرعية. فالموسيقى مثلاً موجودة على مرّ العصور، يستخدمها حتى من يختلفون معها شرعاً، إذ إنّ مقاماتها هي التي نظمّتْ العديد من أوجه المنتجات الصوتية البشرية. وهي مثلها مثل أي منتج بشري، قد يستخدم إيجاباً وقد يستخدم سلباً، لكن الحوار حولها يأخذ دائماً صبغة القطع، ويُدخل من يناقشها في دائرة الضلال.