سعد السعود
لا يخفى على كل ذي لب ما يحاك ضد هذه الأرض.. من كل حاسد وذي مرض.. ولسنا بمعزل عن ما يحدث في العالم حولنا.. وما تواجهه بلادنا.. فحجم التحديات كبيرة.. وحجم المسئولية التي تتقلدها مملكتنا عظيمة.. ففضلاً عن أنها قبلة المسلمين.. فهي أيضاً العمق الاستراتيجي للأشقاء العرب والخليجيين.. لذا وجدنا سلمان العزم يهب لنجدة إخوانه باليمن.. ولم ننس الملك عبدالله عندما هب لغوث الأشقاء بالبحرين.. ولن ينس التاريخ كلمة الملك فهد عندما احتلت الكويت: إما نبقى نحن والكويت أو نرحل معاً.
وحتماً مع هكذا مهام.. وما يواجهه وطننا من مسئوليات جسام.. وما يضطلع فيه بلدي من أمور عظام.. فيجب علينا كأبناء لهذا الوطن أن نكون سنداً لقيادتنا وسداً لوطننا.. وتحديداً نحن الرياضيون.. فمعلوم أن هذا المجال خصب لما يجده من متابعة من شريحة كبيرة من الشباب.. وما يسلطه عليه من أضواء سواءً في الصحف أو البرامج.. حتى اكتظت المدرجات بالمتفرجين والعشاق.. فماذا أعد مسئول الرياضة للاستفادة من ذلك في زرع الوطنية وحماية الشباب من الأفكار الشاذة والباطلة؟.
للأسف لا شيء ملموس.. فبدلاً من جعل المدرج لوحة خضراء تحول إلى النيل من هذا النادي أو ذاك بناءً على الانتماء.. وبدلاً من استثمار البرامج في إذكاء روح الوطنية وجدناها تغذي جراح التعصب وتتلقف كل متجاوز بحثاً عن الإثارة.. وحتى أعمدة الصحف وعناوينها أضحى سقط القول هو المستقطب.. وأمسى الإساءة للمنافس هو الفن المستعذب.. أما وضع الحلول ومناقشة الخطأ واقتراح علاج لظاهرة ما فلا تجده إلا بالمنقاش.. وربما تحتاج لمجهر لتجد ذاك الصحفي الذي وضع مصلحة الكل مقدمة على الجزء.. فالأقلام الخضراء غدت نادرة.. وأصبح سوق الكتابة للأسف يعج بالأقلام الزرقاء والصفراء والحمراء والسوداء.. أما المهم فأضحى نسياً منسياً.
ولذا أقولها للجمهور بصوت عالٍ من هذا المنبر: توشحوا بالأخضر.. فجميع الألوان دونه تقصر.. ورددوا: سارعي للمجد والعلياء.. فأمر آخر عدا الوطن يذكر فهو أشبه بالهباء.. بدءاً من الخميس أمام الإمارات الأشقاء.. مروراً بمواجهة فلسطين أينما أقيم اللقاء.. وحتماً مواجهات الدوري لفرقنا لن تكون هي الانتهاء.
وللاعبين الرياضيين أنبه.. كونوا قدوة لمشجعيكم.. تعاملوا مع المنافسين بروح رياضية.. وتعالوا عن التفاهات التي تزيد جذوة العصبية.. وتساموا عن أي خلاف يقدح بالوطنية.. لا تكونوا أشبه بالزيت الذي يسكب على النار.. بل كونوا كالعود الذي يزداد عبقاً كلما زاده الإحراق.. كونوا قدوة للنشء.. ورددوا اسم الوطن في كل محفل أو حفل.. وأسقطوا الأولويات المعتادة من سلمكم وليكن الوطن هو الأهم والمهم.. بادروا إلى كل منشط يُعنى بمملكتنا الحبيبة.. وسارعوا إلى المبادرات التي تتعاضد مع حدودنا الجنوبية.. فلم يعد هنالك أهم من السعودية.
أما المسئول الرياضي.. فاستفد من كل أمر متاح وما أكثرها من مجالات.. في المدرج شجع المبادرات.. ومع كل رابطة اجتمع وحثها على تغليب المصلحة العامة على نتيجة مباراة.. وعزز جانب المواطنة الصالحة من خلال المحاضرات والندوات.. ليتخلل مثلاً مؤتمر ما قبل وبعد المباريات وخصوصاً الكبيرة بعضاً من الإشارات اللطيفة من مقدم المؤتمر عن الوطن وما يجب علينا تجاهه.. ضع على صدور الحكام واللاعبين السيفين والنخلة وعمم هذا الأمر على الفواصل في المدرج وليكن كل ملعب أشبه بلوحة فاخرة خضراء.. وليتلمس المسئول الرياضي أبناء المرابطين وأبناء الشهداء من اللاعبين.. فهم أحوج لمن يقف معهم.. وليكلف مكاتب رعاية الشباب بدعوة الأندية في كل مدينة وخصوصا بالحد الجنوبي لتكوين فرقا لتقوم بزيارة مصابي الوطن من جنوده البواسل.
أخيراً، قطعاً ما كتبته قليل جداً من كثير يجب عمله.. لكني حسبي من العبارة الإشارة.. ويكفيني من القلادة ما أحاط بالعنق.. وإلا فالمجال الرياضي مجال ثري للعمل والمبادرة.. وإمكانية التأثر والتأثير فيه كبيرة.. ولا يخفى كم نواجه من أفكار مسمومة.. وربما كان من السهل علينا معالجتها قبل أن تستفحل وتكون قنابل موقوتة.. لذا كم أتمنى أن تتضافر الجهود من الجميع ليكون موسمنا الرياضي هذا موسماً وطنياً بامتياز.. لا مجال فيه سوى للوطن ولا غير حبه.. فقد شبعنا صراعات تنافسية.. ومللنا المناكفات الرياضية.. وسئمنا التعصب والصراعات الجماهيرية.. فقد غدا الأمر أشبه بالأسطوانة المشروخة.. التي تصم الآذان ويأنف منها الذوق العام.. فلنعزف أحبتي لاعباً كان أو مسئولاً، مشجعاً كان أو كاتباً، فلنعزف كلاً في مجاله سمفونية الوطن.. وليكن هو اللحن العذب المطرب أما ما عداه فهو نشاز.
آخر سطر:
وحدهما الأم ووطنك.. مهما أغضبتهما هما أول من يحتضنك.