عبد الله بن حمد الحقيل
لقد ارتبطت المجتمعات الإسلامية بالعيد عبر جسر من الانشراح الروحي، وارتبط قدومه والاستعداد له وعبق أيَّامه ولياليه بالإيمان والابتهاج، ولطالما ردد الصغار والكبار على مدى التاريخ الإسلامي أهازيج فرحة بقدومه في صور احتفالية مبهجة، خاصة من قِبل الأطفال الذين كانوا دائماً المشاهد الأروع سواء في الشهر الكريم أو أيَّام العيد، وكانوا يشكلون لوحة اجتماعية في مظهرها وجوهرها ومعانيها الصادقة، وكان الأطفال يلبسون ثيابهم الجديدة قبل حلوله بيوم أو بيومين ويطوفون بالبيوت ويقرعونها بعصيهم، فإذا فتح لهم صاحب المنزل وأعطاهم الحلوى شكروه بعبارات جميلة يرددونها (عطوني عيدي عاد عليكم)، وإذا لم يعطوا كانت هناك عبارات أخرى قاسية. ويبتهج الأطفال بليلة العيد وأيامه وينشدون الأناشيد في الشوارع والبهجة للأطفال والكبار، لقد كانت الأهازيج الشعبية في الماضي ضمن عادات جميلة مع تبادل التبريكات وعبارات شعبية طريفة تزيدهم نشاطاً وتطرد الكسل.
وهناك أهازيج العمل وأهازيج العرضة وهي نصوص جميلة طريفة ورقيقة وخلال حرث الأرض، وهي أناشيد كثيرة طريفة في بعض المناسبات والحرف والصناعات، حيث كان يوجد في كل مدينة وقرية في بلادنا حداد ونجار وخراز وجزار وحائك.. ولكل منهم أعمال يمارسونها ويقومون بها لخدمة الوطن والمواطن وهي مصدر رزقهم ودخلهم، حيث كان في تلك الأيَّام اكتفاء ذاتي وكانت حياة الناس بسيطة بدون تعقيد، فلا أمراض نفسية ولا ضغط ولا سكر وكلسترول وغير ذلك مما نراه اليوم، ولعل السبب هو النشاط والحركة والعمل وبساطة الحياة وقلة الأكل، فليس هناك سوى التمر واللبن والسمن والقمح وكانت الحياة سهلة ويتبادل الناس النكت والطرائف والمزاح والمقالب ورواية الأشعار والقصص، خصوصاً قصص الشجاعة والبطولة والمروءة والشهامة، وكم نحن في حاجة إلى إبراز تاريخ بلادنا في سلسلة من الكتب العلمية تسجل التراث الفكري والفني لماضي بلادنا وحاضرها واستقاء المعلومات من مصادرها، خاصة ونحن ننتقل من مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى تختلف عن الأولى اختلافاً جذرياً وذلك لحفظ تراث مدننا وأخبارها ومأثوراتها الشعبية، وذلك لحفظ ماضي بلادنا وإبراز واقعها الحضاري وتسجيل وتدوين ما طرأ عليه من معطيات العصر الحديث.