عبد الله بن حمد الحقيل
كنت في رحلة خارج الوطن ما بين النمسا وسلوفاكيا للعلاج والاستجمام وزيارة بعض المعالم الحضارية والتاريخية في شرق أوروبا، وصلتني رسائل هاتفية عدة تعزي في وفاة فقيد اللغة العربية الذي غاب عن دنيانا وكان ملء السمع والبصر، وعقلاً أدبياً حصيفاً، وباحثاً لغوياً دقيقاً، ويعد في طليعة الدارسين العرب الذين أخذوا أنفسهم بالمنهج العلمي بالتزام وإصرار. وقد شملت بحوثه اللغة والأدب، نقرأ ذلك على كتبه «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية»، و»ديوان قيس بن الخطيم»، إلى جانب معالجاته اللغوية في كتب عدة، وفي معاجم ومعجمات وغيرها. فقد أودع المكتبة العربية أكثر من ثمانين كتاباً في اللغة والتراث والفكر، وكان له حضور كبير في المحافل الثقافية واللغوية العربية، وشغل مناصب أكاديمية وإدارية أبرزها وزارة الثقافة الأردنية وأول وزير للتعليم العالي، وكان عضواً بمجامع اللغة العربية في كل من الأردن ومصر وسوريا والمغرب، ورأس العديد من المجامع والمؤتمرات اللغوية التي سعدت بحضورها والمشاركة فيها، إلى جانب إبداعاته ومؤلفاته في اللغة والتراث والترجمة والنقد والتحقيق. وقد سعدنا باللقاء به في الرياض في مؤسسة حمد الجاسر الثقافية وندوة بامحسون وفي الجامعات السعودية. ولعل من أبرز ملامح منهجه التواضع الذي تتحلى به شخصيته العلمية، إنه رائد من رواد الأدب واللغة في الوطن العربي، ويزور المملكة كثيراً وله فيها أصدقاء ومحبون. وهو عضو مؤسسة حمد الجاسر الثقافية، ومن أبرز مناصري اللغة العربية الفصحى الداعين إلى رعايتها والدفاع عنها. رحمه الله وتغمده بواسع رحمته.