فهد بن جليد
كم من الناس حولك، قاموا بذبح (أضاحيهم) خلال أيام العيد في المنزل أو في الاستراحة؟ دون الالتفات إلى التحذيرات البيئية أو الاشتراطات الصحية؟!
الحقيقة أن ذبح (الأضحية) في المنزل أو في الاستراحة، بمشاركة أفراد الأسرة، يخلق جواً عائلياً (دافئاً) في هذا الحدث السنوي الكبير، ويزيد من تلاحم الأسرة، ومُشاركة الجميع، وتعاونهم - ولو معنوياً - بتذكّر تلك (الأيام الجميلة) التي افتقدنا بساطتها كثيراً، مع تباعد الناس، وضعف (حميمية) هذه المناسبات، والتي كان الجميع يشعر بها سابقاً!
لا يمكن - مُصادمة المجتمع - بمنع (ذبح الأضحية) في المنزل أو الاستراحة والتحذير من ذلك، كون الكثير من الناس يفضِّلون مُباشرة الذبح بأنفسهم، اقتداءً بالسنة، خصوصاً مع الزحام الكبير في المسالخ، وتأخر الذبح، مما يُفقد لذّة تناول (إفطار العيد) من الأضحية!
أعجبني كثيراً تغيّر موقف (أمانة الرياض) هذا العام، وتقديمها إرشادات لكيفية الذبح الصحيح داخل المنزل، وفحص الأضحية بشكل بسيط، للتأكد من سلامة الأجزاء الحيوية مثل (الكبد والقلب والرئتين) بعد الذبح، وخلوها من الأمراض، إضافة لطرق التخلّص من بقايا الأضحية (بطريقة آمنة)، مع تأكيدها على توفر خدمات الذبح في المسالخ كالمُعتاد!
هذه أفكار عملية تستحق الإشادة، وخطوة رائعة من الأمانة، وهي أفضل بكثير من الاكتفاء بالتحذير، والمنع، والتلويح بالعقوبات، ومصادمة الناس في عاداتهم، ورغباتهم، هذه الثقافة نحتاج تفعيلها في (قضايا أخرى) في مجتمعنا، بناءً على قاعدة (ما لا يُدرك كله.. لا يُترك جله)!.
لماذا خطواتنا دائماً (مانعة)، (جامدة)، لا نقبل فيها أنصاف الحلول، ولا نتفهّم فيها ظروف بعضنا ممن لا يستطيعون تطبيق النظام، أو نُراعي احتياجاتهم، خصوصاً في التنظيمات والاشتراطات؟!
وكأن (الحلول) الأخرى ممنوعة، وهو ما انعكس على حياتنا بشكل كبير، حتى عند بعض مُنتسبي القطاع الخاص، الذين يطبِّقون التعليمات في مُنشآتهم بطريقة جامدة - حسب تعليمات الكفيل - دون معرفة السبب، أو مراعاة مصلحة العمل!
المنع (سهل) دائماً، وهو أقصر الطرق للتخلّص من المسؤولية، ولكن مُعالجة الظواهر، والتأثير فيها بشكل إيجابي، ومساعدة الآخرين على تخفيف الأضرار، هو النجاح الحقيقي!
شكراً لأمانة الرياض على هذه الخطوة، وأتمنى أن يُفكر (غيرها) بطرق إيجابية، أفضل من مُجرد (المنع والتحذير)!
وعلى دروب الخير نلتقي.