سعد بن عبدالقادر القويعي
لا علاقة للثورة الخمينية، ولا بأدبياتها، بمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، أو إسرائيل، بل إن من يسبر التاريخ يدرك حقيقة أن خميني قائد الثورة ضد الاستكبار العالمي والشيطان الأكبر إنما هي شعارات فارغة. ومع مرور أربعة عقود من الزمن، هي عمر نظام الملالي في إيران، فإننا لم نرَ أي مواجهة مع الشيطان الأكبر، ولم تمس مصالح الدولتين في المنطقة، كما لم يخطُ النظام ولو خطوة واحدة على أرض الواقع باتجاه تحقيق وتطبيق شعاراته؛ وهذا ما جعل الرئيس الإيراني حسن روحاني في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة»، الذي بثته محطة «سي بي إس» قبل أيام، يعتبر أن شعار «الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل»، الذي يردده المصلون الإيرانيون باستمرار خلال صلاة الجمعة، ما هو إلا مجرد شعار، وليس إعلان حرب.
إن ترديد هذه الشعارات الجوفاء لا يأتي بوصفه ركيزة أساسية، وإنما مجرد شعار يجري توظيفه لأغراض سياسية، ومن الممكن التخلي عنه. وعليه، فإن التحضير لبناء بؤر فارسية في الدول العربية، والعمل على تقسيم مجتمعاتها على أساس طائفي «سني - شيعي» متناحرة، وتهديد دول المنطقة عبر تصدير الإرهاب بكل أنواعه، تحت مظلة أمريكية، ومشاركة صهيونية، وتحت ذريعة الممانعة، والمقاومة، إنما يأتي وفقاً لقواعد لعبة جديدة. وما زلت أذكر قبل سنة من الآن ما أشارت إليه الزعيمة الإيرانية المعارضة، السيدة مريم رجوي، في مؤتمر باريس الأخير للمقاومة الإيرانية، إلى الدور التخريبي والتحريضي الذي يقوم به النظام الإيراني ضد شعوب ودول المنطقة؛ إذ اعتبرت هذا النظام: «العامل الرئيس للمصائب والأزمات المفروضة على العالم الإسلامي، منها في العراق، وسوريا، وفلسطين، ولبنان، واليمن».
تدل الشواهد التاريخية على أن أمريكا وإسرائيل دعمتا الثورة الخمينية. وما نراه اليوم من احتلال ملالي الفرس لدولتَيْ العراق وسوريا لا يختلف عن احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين؛ ما يدل على كذب وزيف مزاعمهم، الذي أصبح معروفاً للقاصي قبل الداني.
فالمزايدات والشعارات الرنانة مثلت بالنسبة إليهم أفضل خدمة لاحتلال الدول العربية، وللسياسة القائمة على الترويج بأنها مهددة باستمرار لأمن دول المنطقة، وليعكس أيضاً مدى تجذر الفكرة التوسعية على حساب المسلمين، وأوطانهم، ومقدساتهم، وخيراتهم.
تعاون ملالي الفرس مع أمريكا، والكيان الصهيوني ضد الأمن الوطني والقومي للدول العربية واضح للعيان؛ لذا فإن قناعتي هي أن السقف الأمريكي اليوم في المنطقة هو سقف إيراني بامتياز، وأن خطابات طهران العنترية أضحت لعبتهم، وجعجعتهم باتت حرفتهم، بعد أن تبين للجميع أن الخطاب الإيراني لم يكن حائلاً يوماً ما دون تعاونه مع أمريكا، سواء في الشأن الأفغانستاني، أو في الشأن العراقي، أو في الشأن السوري.. وليتناغم مع الطمع الاستعماري الفارسي القديم، وحلمهم الكبير ببسط رايتهم على أكبر جزء من العالم، وخصوصاً المنطقة العربية، التي كانت تمثل موقعاً استراتيجياً، إضافة إلى الثروات والخيرات التي كانت تتمتع بها. ولا حاجة لنا بعد ذلك إلى عباقرة في السياسة والاستراتيجية، أو إلى منظرين في العلوم العسكرية والأمنية؛ للوصول إلى خلاصة فحواها: إن البشاعة الإيرانية لتحقيق حلمها القديم ستخلف وراءها الفتن، والانشقاقات، والنزاعات في المنطقة.