فضل بن سعد البوعينين
يُعَرَّفْ رائد الأعمال على أنه الشخص «الذي لديه الإرادة والقدرة لتحويل فكرة جديدة أو اختراع جديد إلى ابتكار ناجح».
وعرَّف المؤتمر الدولي الأول لريادة الأعمال الذي عُقد في جامعة الملك سعود، ريادة الأعمال على أنها «إنشاء عمل حر يتسم بالإبداع ويتصف بالمخاطرة».. وبالرغم من الاستهلاك الإعلامي الإغراقي لمصطلح «ريادة الأعمال» إلا أن الكثير يخلط في معناه، ويقصر دون فهمه الفهم الأمثل الذي يساعد على تصنيف الشباب وفق قدراتهم المعرفية والابتكارية والإبداعية، ويتسبب أيضاً في تقليص فرص نجاح البرامج الموجهة لدعم رواد الأعمال الحقيقين، حتى إن الغرف التجارية، وبعض الجهات الحكومية في تعاملها مع شريحة الرواد، تُعنى بأبناء رجال الأعمال، وذوي الملاءة وتصنّفهم على أنهم من «رواد الأعمال»، في الوقت الذي قد يكون فيه رائد الأعمال من المبادرين العامة، أو طلاب الجامعات غير المنتمين لبيوت الأعمال، الباحثين عمن يحتضنهم لتحويل ابتكاراتهم إلى ثروات.
قد يكون، الإقصاء في المؤسسات المرتبطة بالقطاع الخاص، والمجالس الشبابية، من الأسباب المحبطة للرياديين القادمين من خارج «بيوت المال والأعمال»، ممن لا يجدون فرص الاحتضان العلمي، العملي، والمعرفي ما يتسبب في إخراجهم من دائرة المنافسة والإبداع المحلي، في الوقت الذي يسجلون أسماءهم خارجياً كمخترعين لتقنيات ومنتجات مبتكرة. برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أسهم بشكل كبير في تفجير طاقات المبدعين من عامة الشعب بعد أن هيأ لهم فرص التعلُّم واكتساب المعارف واستثمارها في خلق مبتكرات ومشروعات مشرفة.
أهمية «ريادة الأعمال» لاقتصادنا الوطني حملت الصناديق الحكومية، وصناديق الدعم الخاصة وبعض الشركات السعودية ومنها سابك، وأرامكو على توفير الدعم الأمثل للمبتكرين والمبادرين الشباب، وتوفير البرامج التعليمية والتدريبية، والهيئات الاستشارية القادرة على مساعدتهم في مواجهة مجمل التحديات.
أجزم أن مبادرات الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية، المرتبطة بقطاع الشباب ودعمه الدائم لهم وحرصه على حضور ملتقياتهم والتحاور المباشر معهم، ومعالجة مشكلاتهم، تشكّل الجانب الأهم في دعم شريحة الشباب، ورواد ورائدات الأعمال بشكل خاص.
قد يكون الدعم المعنوي أحد أهم المحفزات النفسية لدى رواد الأعمال، وهو ما يستثمره الأمير سعود بن نايف الاستثمار الأمثل من خلال كلماته العامة وتصريحاته الإعلامية المحفزة للمبادرين.. إصرار سموه على استحضار بعض التجارب الشبابية الناجحة كنماذج واقعية، أو إشاراته لتطور أعمال المبادرين وتحوُّل مشروعاتهم الصغيرة إلى مشروعات متميزة تدعم الاقتصاد الوطني، تُحدث أثراً كبيراً في نفوس الرياديين، والشباب بشكل عام وتحفزهم على البذل والعطاء.
في ملتقى «الفرص الريادية» الذي أقامته غرفة الأحساء، برعاية الأمير سعود بن نايف، ظهر جلياً العمل المتميز للغرفة، وللجنة شابات وشباب الأعمال.. حضور لافت للشباب من الجنسين، ومشاركة مثمرة من المسؤولين والأكاديميين والمختصين والمهتمين والجهات المعنية بمجالات ريادة الأعمال، نجحوا جميعاً في تقديم 18 ورقة عمل متميزة.
قدم الملتقى كل ما يهم رواد الأعمال، ويقودهم نحو تحقيق مشروعاتهم الطموحة، واعتمد جلسات العمل العلمية، والورش التدريبية، والمعرض المصاحب كركائز أساسية له.. تنوعت الجلسات بين دور المشروعات الريادية في التنمية، وآليات دعمها، ودور صندوق التنمية الصناعي، والفرص الريادية، وحاضنات الأعمال، والعلامات التجارية والامتياز التجاري.
تميز الملتقى بالجلسة الحوارية المفتوحة للأمير سعود بن نايف مع شباب وشابات الأعمال، وهي جلسة مثمرة، وغير تقليدية جاءت متوافقة مع متطلبات الشباب، وعفويتهم، وحرصهم على التواصل المباشر.
أكد الأمير سعود «على أن الفرص متاحة، وما توفره الدولة للمؤسسات المختلفة من فرص قد لا تتكرر وقد لا توجد في أماكن أخرى، ويجب أن نأخذ هذه الفرص بجدية، ولدينا قناعة راسخة بأن الشاب لديه العزيمة والقدرة على العمل بجد واجتهاد، والرغبة الصادقة».
آلية الحوار المفتوح مع سمو أمير المنطقة كانت موفقة، ولافته وكم تمنيت لو أعطى مدير الجلسة، رئيس غرفة الأحساء صالح العفالق، الفرصة لمزيد من مشاركات الشباب من أجل طرح أمنياتهم، ومعاناتهم والتحديات التي يواجهونها.
أعتقد أن الغرف التجارية متى أحسنت إدارتها، قادرة على قيادة التنمية، وخدمة المجتمع وتوجيه الشباب، وتدريبهم واحتضان مشروعاتهم، واستثمار طاقاتهم، وأحسب أن غرفة الأحساء نجحت في خدمة مجتمعها واحتضان الشباب والمساهمة في تنمية قدراتهم وتحفيزهم على الإبداع.