د. عبدالعزيز الجار الله
لم تتعرض وزارة إلى تحولات وتغيرات مثل وزارة التعليم ولا يجاريها بالتغيرات سوى وزارة الصحة، لكن الفارق أنّ وزارة التعليم أربعة كيانات كبيرة تعمل بلا سند من جهات أخرى:
وزارة المعارف .
رئاسة تعليم البنات .
وزارة التعليم العالي .
الجامعات والتعليم الجامعي.
في حين وزارة الصحة تساندها في الخدمات الطبية والصحية قطاعات أخرى على شكل مستشفيات لها ميزانيتها وكوادرها البشرية المستقلة: وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، وزارة الحرس الوطني، المستشفيات الجامعية، المستشفيات التخصصية، مستشفيات المؤسسات والشركات الحكومية. أما وزارة التعليم فهي مثقلة بالكثافة البشرية والمسؤوليات ولا تستطيع الحراك لوحدها، إذا لم تكن هناك حلول جذرية بعيداً عن المزيد من الدمج والتكتل وتراكم القطاعات.
تعرضت وزارة التعليم خلال العشر سنوات الماضية - بالواقع منذ عام 1416هـ - إلى تفريغ القيادات والعناصر الفاعلة في الوزارة عبر العوامل التالية:
انتقال أعداد كبيرة جداً من القيادات الإدارية والأكاديمية بلا ضوابط إلى الجامعات والكليات - خلافاً لكادر كليات المعلمين والمعلمات - وهي قيادات نافذة في مجالها سعت الوزارة في وقت مبكر إلى ابتعاثها حتى زمن شح الابتعاث حتى أهلتها، أيضاً قيادات إدارية تميّزت بالعطاء والمهنية، انتقلت في هجرة جماعية للعمل في التعليم العالي.
تجميد الكفاءات المهنية والعناصر المتميزة والمدربة نتيجة ما تعرضت له الوزارة من تغيرات شاملة وسريعة خلال العشر سنوات الماضية (6) من الوزراء شملت هرم الوزارة والصف الثاني، والقيادات الممسكة في مفاصل العمل التعليمي، تم ذلك بالتهميش أو الافتراض المسبق من كل فريق عمل جديد ينظر إلى الداخل بأنه الحرس القديم لا جدوى من بقائه، واعتباره من معوقات العمل والتنمية.
غياب المرجعية والذاكرة الجماعية للوزارة، فأصبحت الوزارة بلا خبرات تضبط العمل وتحافظ على تناميه، فليس هناك ناقل ورابط بين الأعمال والتجارب والبرامج السابقة مع التوجهات والأفكار الجديدة.
مع استمرار الوقت سوف تتفاقم العوامل الثلاثة (انتقال القيادات، تجميد المؤهلين، غياب الخبرات والمرجعيات)، فلا تستطيع الوزارة مهما كان طموحها والدعم المقدم لها، أن تؤدي دورها وتكون وزارة فاعلة تسهم في حل المشكلات لا أن تكون وزارة مثقلة بالأعباء، وتكون وزارة فشل الوزراء, ووزارة لتسريب القيادات، ووزارة تجميد للكفاءات والطاقات القادرة على العطاء.
أمامنا المزيد من الوقت لا نجاحها وتحقيق طموح دولتنا في جعل التعليم تميز لنا، وسلعة مستقبلية تعود بالموارد المالية متوافقة مع تطلعاتنا إلى اقتصاد المعرفة.