جاسر عبدالعزيز الجاسر
الحمد لله ولا يحمد على مكروه سواه.
نعم، فقد قدَّر الله وما شاء فعل، وسقط ضحايا الحرم المكي يوم الجمعة شهداء -إن شاء الله- عند ربهم، وهي إرادة الله جاءت مترافقة مع ظروف مناخية ساعدت في حدوث الكارثة، إلا أنها تمت دون خطأ مقصود، أو عفوي، ولا إهمال لأن العمل كان متوقفاً ليس لأن يوم الجمعة يوم إجازة، بل لأن الأعمال في محيط الحرم المكي وحوله قد توقفت قبل وصول ضيوف الرحمن، ولكن سرعة الرياح والأمطار الشديدة والصواعق أطاحت بالرافعة وقت تواجد المصلين والحجاج في صحن الحرم المكي، وهو ما تسبب في ارتفاع عدد الضحايا.
والحادث مثل كل الحوادث التي تحصل لا أحد يتوقعها إلا أن الأجهزة المعنية في منطقة مكة المكرمة، وبالذات الدفاع المدني والخدمات الصحية والأجهزة الأمنية، والدوائر المعنية بإمارة مكة المكرمة كانوا مستعدين لمثل هذه الحوادث المفاجئة، ولهذا ولله الحمد، فقد تم استيعاب الحادث والتعامل معه بسرعة وبكفاءة ومهنية عالية جداً، وهو ما نحمد الله عليه، إذ أثبت أبناء المملكة قدرتهم على التعامل مع الحالات الطارئة وجدارتهم على خدمة ضيوف الرحمن والحرمين الشريفين.
حادثة سقوط الرافعة على ضيوف الرحمن في صحن الحرم المكي وسرعة تحرك الجهات السعودية الإغاثية والعلاجية والدفاع المدني لإنقاذ المصابين، وسرعة إعادة تأهيل ما تضرر في الحرم المكي من مسعى ومطاف وساعة وصحن الحرم المكي وتهيئته لاستقبال ضيوف الرحمن، وتحت إشراف ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الذي حرص على الحضور شخصياً هو وجميع أركان القيادة السعودية من ولي العهد وولي ولي العهد وأمير منطقة مكة المكرمة الذين ظلوا يتابعون ويراعون المصابين وعوائل الضحايا، ويشرفون على أعمال تهيئة الحرم المكي لاستقبال ضيوف الرحمن، لا نشاهدها في بلدان عديدة تشهد حوادث مشابهة، والاهتمام والمتابعة الميدانية والمباشرة في رعاية المصابين وكل من يقدم لهذه البلاد المقدسة، فضلاً عما تقوم به الدولة السعودية من اهتمام ورعاية للحرمين الشريفين، يظهر أن هذه البلاد وقيادتها وأهلها هي أفضل من يقوم على خدمة المقدسات الإسلامية، وأن إصرار ملك البلاد على إطلاق مسمى خادم الحرمين الشريفين عليه ماهو إلا تأكيد على أن خدمة المقدسات الإسلامية والمسلمين شرف لا يدانيه شرف.
ومع أن الحادثة مؤلمة والضحايا أدموا محاجرنا وعيونناً دموعاً، إلا أنها كشفت عن قدرة وجدارة القائمين على خدمة ضيوف الرحمن، وسرعتهم في التعامل مع الأحداث والنوائب أظهرت تقدماً وتطوراً في أعمال الجهات المشرفة على خدمات ضيوف الرحمن.