د. منال عبد الكريم الرويشد
يعد الفن التشكيلي مشروعاً ثقافياً كبيراً يقدم فكر وثقافة المجتمعات على مر العصور التاريخية، ويساهم الفن التشكيلي بشكل مباشر في نقل صورة كاملة عن حياة الناس وأفكارهم ورؤاهم واهتماماتهم. وتلعب المعارض والمشاركات الداخلية والخارجية الفردية والجماعية دوراً كبيراً في تقديم التشكيلين ووصول النص البصري من خلال أعمالهم الفنية إلى المتلقي والمتذوق لها.
إن كل إبداع للإنسان يكون جزءاً من اهتمام البعض، ويظهر هذا الاهتمام على شكل زيارة المعارض وتتبع الأخبار والتقارير أو تفقد آخر نشاطات الفنون التشكيلية أو اقتناء الأعمال.. فهناك عدد ممن يعنيه الاقتناء وانتشرت ثقافته في الآونة الأخيرة بشراء اللوحات والأعمال الفنية واختيارها والاحتفاظ بها بشكل شخصي أو استثمارها تجارياً وتسويق الأعمال الفنية من خلال صالات العرض التجارية المحلية أو الخليجية أو العربية أو المزادات والمستثمرين الأجانب. وأصبح هناك من يقتني لنفسه ومن يقتني من أجل الاستثمار بالفن، ووجود المستثمر أو المقتني لنفسه كلاهما يساهم في تنشيط الاقتناء، ويساهم في دعم التشكيلي اقتصادياً ومعنوياً، أذكر في زيارة منزلية لإحدى السيدات من المعارف والدها أستاذ أكاديمي سعودي مقتني شخصي أكثر من جيد للوحات التشكيلية أبهرني المعرض الجميل المتناغم باللون والشكل والمكتمل في الوحدة مع تنوع الأساليب والموضوعات لمجموعة من أعمال التشكيلين مقتناه ومنسقه جمالياً في المنزل شعرت حينها بالبهجة للأقبال على الأقتناء وتذكرت استنكار أكاديمية من إحدى الدول حينما أطلعتها على لوحة اقتنيتها من تشكيلي سعودي كانت تقول: ليه تقتني لوحات وأنتِ فنانة تشكيلية؟ أرسميها لا تشتريها؟. هذا يختلف عن اهتمام أحد التشكيلين يقول: اقتني لوحات المبتدئين بأسعار زهيدة لأني أعرف أنني سأبيعها بسعر أعلى بعد شهرته وارتفاع صيته. وهذا أيضاً يختلف عن دور جميل لشخصية هامة أذكر أنها اقتنت مجموعة كبيرة من أعمال تشكيليات سعوديات بهدف الاهداء للشخصيات الهامة التي تزور المملكة وتعريفهم على ثقافة التشكيلي السعودي ودور المرأة من خلاله. كان هدفها أبعد من تسويق اللوحة تجارياً، بل تسويق ثقافة التشكيل السعودي وتصديرها للخارج ودعم التشكيلية مادياً ومعنوياً.
بعض التشكيلين مقتني نشيط وجيد ومنهم مقتني لأعمال نادرة بأسعار باهظة وبعضهم أصبح يقتني ما باعه في بداياته ومنهم من يقتني أعمال تشكيلي قريب له كإرث فني يستعيده. هذا التنوع في الرؤية والثقافة لاقتناء الأعمال التشكيلية يرتبط باهتمام المتلقي والمتذوق وموضوع الاقتناء موضوع متشعب وله صله بهموم بعض التشكيلين منهم من كان الاقتناء خير عليه وسعة في رزقه ومنهم من أذاقه الظلم باقتناء أعماله بسعر زهيد وبيعها بأسعار باهظة، وهذا ما يستثير عدداً من الاستفهامات عن دور التوثيق للاقتناء فلا شيء يثبت ملكيتها وشراءها وأن سعرها المحدد لدى الشخص أو الجهة التي اقتنتها هو نفس المبلغ الذي استلمه ولا يوجد عقد ولا فاتورة ولا شهادة ولا نموذج موثق من صاحبها أو نموذج توثيقي من جهة تعد صاحبة الصلاحية التي تحفظ بها حقوق التشكيلين عند الاقتناء وكذلك يحفظ بها حق من اقتناها ولا يوجد أي إثباتات عن الأعمال التشكيلية. لذا هناك حاجة ملحة لتوثيق اقتناء اللوحات وإصدار نموذج من جهة مختصة معنية بذلك لحفظ الحقوق الفكرية والمادية.