خالد بن حمد المالك
مفتاح فتح الملفات المهمة في مباحثات سلمان وأوباما من المؤكد أنه سيبدأ عمله - أو هكذا افترض- من العودة إلى الجذور وإلى أكثر من ثمانين عاماً من العلاقات التاريخية والاستراتيجية المتميزة بين البلدين، ضمن مساراتها الاقتصادية والأمنية والسياسية والتعليمية، وصولاً إلى واقعها اليوم، وبما يشكل عنصر تحريك لما هو راكد، وتنشيط ما يحتاج إلى تنشيط، ضمن رؤية واقعية سوف يحملها الملك سلمان إلى البيت الأبيض في واحدة من أهم المباحثات واللقاءات السعودية - الأمريكية.
***
فالتطورات في المنطقة، بما تمثله من خطورة على أمن واستقرار العالم تستدعي مثل هذا اللقاء، وتضغط على الزعيمين للوصول إلى قواسم مشتركة في نظرتهما إلى ما يجري من جرائم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وارتباط إيران بشكل مباشر بكل هذه الأحداث، بما لا يمكن أن يغض الطرف عنه إذا ما كانت هناك من رغبة وعزيمة واصرار في إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع هذه المؤامرة الإيرانية الكبرى من أن تمتد إلى خارج منطقة الشرق الأوسط.
***
فإيران لا تخفي صلتها بفئة من العراقيين وسيطرتها على القرار فيه، وأنها موجودة وبقوة في العراق، مثلما هي طرف رئيس ومهم في محاربتها للشعب السوري دعماً لنظام الأسد، بل هي المحرك والمؤثر القوي في تعطيل عمل مجلس الوزراء اللبناني، ومنع إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وهي بما لا لبس فيه من خلطت الأوراق في اليمن، ومكنت الحوثيين ليقوموا بانقلابهم على الشرعية بدعمها لهم سياسياً ومالياً وإعلامياً، وتزويدها للانقلابيين اليمنيين بالسلاح، فضلاً عن مواقعها المشبوهة في أحداث البحرين والكويت.
***
وأمام الزعيمين، ضمن الملفات التي يحملها الملك القوي سلمان بن عبد العزيز، القضية الفلسطينية التي ترى فيها المملكة أنها مفتاح الاستقرار في المنطقة، إذا ما تم الاتفاق على إقامة دولة للفلسطينيين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وأن مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية - كما يرى ذلك ضيف أمريكا الكبير - للوصول إلى حل عادل، يقتضي منها أن تكون عادلة ومنصفة وعلى مسافة واحدة في مواقفها بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإنقاذ العملية السلمية من الموقف الإسرائيلي الرافض والمتعنت لقرارات الشرعية الدولية.
***
وهناك تبرز العلاقات الثنائية بين المملكة وأمريكا، ضمن محاور المباحثات بين الملك والرئيس، وهي علاقات تمتد إلى أكثر من ثمانين عاماً، وقد تميزت في غالب هذه السنوات بالدفء، والحوار البناء، والتعاون سياسياً واقتصادياً وتعليمياً وفي كل المجالات، بما لا مثيل له في أي علاقات أخرى، من حيث حسن النوايا، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام الرأي الآخر، وإن صاحب هذه العلاقات - أحياناً - تباين في وجهات النظر وفي المواقف من بعض القضايا، وهذا طبيعي، في العلاقات، ولا يشكل أي عائق لتطويرها من خلال التفاهمات التي تتم بين القادة وما دون ذلك في مستوى التمثيل.
***
إذاً، فالعالم سوف يعطي أهمية غير عادية لزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الولايات المتحدة الأمريكية على رأس وفد كبير، وبالتالي سيكون البيت الأبيض محطة الاهتمام والمتابعة بانتظار ما سيتم الاتفاق عليه بين سلمان وأوباما حول عدد من القضايا الشائكة، بما فيها نووي إيران، وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة العربية، وأسعار النفط، والموقف من الحرب في سوريا، ومن الحالة المتأزمة في العراق، وكذلك من الوضع في اليمن ولبنان وفلسطين، وهي فرصة لأوباما الذي لم يبق في ولايته الثانية الكثير من الوقت لمعالجة هذه الأزمات على النحو الذي يحقق الأمن والاستقرار في منطقتنا، معتمداً في ذلك على ثقته في رؤية الأصدقاء وفي طليعتهم الملك سلمان بن عبد العزيز.