هاني سالم مسهور
ما أن وقعت الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاق النووي مع إيران حتى خرج الإيرانيون ليقدموا ذلك الاتفاق كعربون صداقة للعالم وكوجه جديد لإيران التي أرادت من خلال الاتفاق أن تعيد إنتاج نفسها في إطارها المعتاد وقوالبها وكامل تركيباتها سواء أكانت الأيدلوجية أو تلك الخاصة بعمق تكوينها الحضاري، فالإيرانيون اعتقدوا أن بإمكانهم تسويق أنفسهم كدولة معتدلة شأنها شأن كل دول العالم الحر.
خلال أيام متتابعة كشفت البحرين والكويت عن خلايا إرهابية تحاول العبث بأمن دول الخليج العربية، وهي استمرار لعمليات بدأت بتفجير مسجد في شرق السعودية وانتقلت التفجيرات للكويت، وضربت البحرين، قبل أن تعود لتفجير مسجد الطوارئ بمدينة أبها جنوب السعودية، شهر فقط من توقيع إيران الاتفاق النووي، وشهر فقط من محاولة الإيرانيين تأكيد أنهم يحملون للخليجيين العرب وجهًا مختلفًا عمّا عرفوه عن الإيرانيين منذ 1979م على الأقل.
تحدث وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عن «النوايا الطيبة» التي تحملها إيران لشعوب الخليج العربية، وتحدث أن إيران تريد أن تفتح صفحة جديدة مع الضفة الأخرى من الخليج، تحدث طويلاً وكثيرًا في زياراته لعواصم الخليج عن إيران الأخرى التي تريد أن تتناغم مع جيرانها وتتكامل معهم في انتظام يبشر الشعوب بمستقبل آمن لكن لم تر الشعوب الخليجية قبل حكامها ما يؤكد صدق النوايا الإيرانية بل باتت الملفات في المنطقة أكثر التهابًا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وما يتم الكشف عنه من خلايا تتبع إيدلوجيًا حلفاء إيران بما في ذلك حضور «داعش» المتفجر الذي يحاول جاهدًا الأضرار بأمن واستقرار الدول الخليجية على اعتبار أنها هدف من أهداف عملياته الإرهابية.
هدايا إيران للمنطقة ما بعد الاتفاق النووي مع الغرب لا تبشر أبدًا بأن هنالك تحولاً حقيقيًا لدى الإيرانيين، وبات النظام الإيراني في خلال الفترة التي تبعت الاتفاق النووي أكثر انكشافًا تجاه مشروعاته القديمة التي تأسست عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية من تصدير ثورتها وبث الفوضى في المنطقة وفكرة التوسع والنفوذ الفارسي في جزيرة العرب باتت ترسم ملامحها بشكل أكثر فجاجة من كل المراحل الماضية.
وفيما يكافح الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإقناع الكونجرس في بلاده بأن الشرق الأوسط بات أكثر أمنًا واستقرارًا وأن مرحلة قادمة من الهدوء ستعرفه المنطقة نتيجة ما توصل له مع الإيرانيين في 13 يوليو 2015م، نتساءل إن كان الأمريكيون الذين كانوا سببًا في التوسع الإيراني بعد احتلالهم للعراق في 2003م وتركوا الفرصة لخلق الطائفية وتأجيجها في العراق حتى أفسد نوري المالكي كل العراق وسلم أجزاء منه إلى «داعش» في عملية مشبوهة فتحت أبواب الشر على المنطقة كلها.
إيران لم تكن يومًا صادقة حتى مع شعبها، ولم تكن يومًا تحمل نوايا غير تلك النوايا التي صدرتها لجيرانها لتزرع بذور الكراهية في الأوطان عبر رعايتها للطائفية والتطرف لتزج بالعرب في أتون صراعات عنيفة تستفيد منها في نطاق مشروعها التوسعي وإطلاق نفوذها على جيرانها، هذه إيران المفخخة التي على العالم أن يراجع كل اتفاقياته معها فالمؤشرات أبدًا لا تعطي مدلولات إيجابية فها هو نوري المالكي من جديد يرمي الاتهامات من طهران للرياض استمرارًا في هدايا الإيرانيين المفخخة.