سلمان بن محمد العُمري
في كل يوم نرى ونسمع عن جرائم الفكر التكفيري الضال يتجدد السؤال عن مسؤولية الجهات المعنية بالوقاية والتحصين والمكافحة، ويتهامس أصحاب الشأن وأحياناً ترتفع أصواتهم قليلاً بتقاذف المسؤوليات ويرمي كل طرف تهمة التقصير على طرف أو أطراف أخرى ليتنصل من المسؤولية، والحق أن الأفكار الضالة ومكافحتها وواجب حماية أبنائنا منها ودفع شرورها ليست من واجب جهة دون أخرى بل هو واجب ديني ووطني واجتماعي يشترك فيه الجميع من كافة الجهات الرسمية والأهلية كل في موقعه ومجاله، والحلول المنفردة لن تقدم الحلول والمعالجات المثلى، فلابد من مشاركة الجميع في دراسة المشكلة من جذورها وحجم واقعها الحالي وأبعادها المستقبلية واستشراف الخطر المتفاقم مع استخدام التقنية الحديثة في الاتصالات وسهولة اختراق شبابنا وأبناء المسلمين حتى في أوروبا عبر وسائط الاتصال الجديدة.
وحينما نتحدث عن النقاش والدراسة والمكاشفة فإن ذلك يدعونا لوضع أولى خطوات العلاج تحت المحك وهي الدراسات والبحوث فلا علاج لأي موضوع دون دراسة وافية، وليس هناك دراسة ناجحة دون توفر بحث علمي جاد يعتمد على معلومات دقيقة، ومن باب إثبات القدرة والثقة لا رمي التهمة والمسؤولية أقول: إن جامعاتنا العلمية ومراكزها البحثية وأقسامها العلمية المتعددة هي الأولى والأجدر والأكفأ لدراسة هذه المشكلة (الفكر الضال وتأثيره على شبابنا - الأسباب والعلاج) ومن المهم أن تقوم وزارة التعليم بعمل دراسات علمية تحليلية ميدانية مع الموقوفين من الدواعش ومؤيديهم بالتنسيق مع وزارة الداخلية للبحث عن مواطن الخلل في المجتمع.
وأعاود التأكيد على أهمية وزارة التعليم وما يتبعها من جهات علمية متعددة, حيث إنها تضم الجامعات وبها أساتذة أكفياء من مختلف التخصصات العلمية، ونحن بحاجة إلى دراسات مسحية شاملة من أقسام الاجتماع وعلم النفس والتربية والاقتصاد والعلوم الشرعية وتسخير جزء كبير من بحوث الدراسات العليا لهذا الغرض لتكون هذه الدراسات والبحوث سنداً للجهات الأخرى في تقديم معالجاتها وبناء مساهماتها، وألا تكون هذه الدراسات والأبحاث حبيسة الأدراج كغيرها بل ينبغي تنفيذ توصياتها والعمل بها بعد المناقشة والتحليل من كافة الوجوه مع جهات الاختصاص. ولربما يقول أحدهم إن الكثير من الوزارات لديها مراكز بحوث ودراسات ومستشارين، ولكن وللأسف سيصدمون بواقع الجهات بحثياً إذ يصدق عليها المثل العربي «سماعك بالمعيدي خير من أن تراه».
إن المسؤولية الدينية والوطنية تتطلب من الجميع التكاتف ومضاعفة الجهود فالنذر خطيرة والمؤشرات سلبية إن نحن بقينا في معالجاتنا التقليدية في حين أن شر المتربّصين بنا دخل عقر دارنا عبر أجهزة الاتصال، ويجب أن يكون التحرك سريعاً وتوحيد الجهد والتعاون والتكامل العلمي والعملي مع كل الجهات أمر مطلوب وأول هذا العناية بالبحوث والدراسات المتخصصة وفي معظم المجالات. فقد مللنا التنظير وإلقاء الخطب والمواعظ التقليدية فهي لن تحل مشكلة تتفاقم ونحن نتفرج فقط!!