سوق الأسهم تُطمئن المستثمرين بـ(10) مليارات و518 نقطة ">
الدمام - فايز المزروعي:
ارتد مؤشر سوق الأسهم السعودية أمس للارتفاع في عملية تصحيح قوية مقلصاً بذلك جزءاً من خسائره الحادة التي شهدها خلال اليومين الماضيين، حيث أغلق المؤشر على مكاسب كبيرة بنسبة 7.38 بالمائة عند مستوى 7543 نقطة، مسجلاً بذلك أكبر مكاسب يومية له هذا العام، والتي بلغت نحو 518 نقطة، وسط تداولات نشطة بلغت قيمتها 10.3 مليار ريال هي الأعلى في ثلاثة أشهر.. فيما تجاوزت كمية الأسهم المتداولة نحو 592 مليون سهم نفذت من خلال أكثر من 190 ألف صفقة، شهدت ارتفاع أسهم 161 شركة وانخفاض خمس شركات أخرى.
أمام ذلك، لفت أحمد الخليفي وكيل محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» إلى أن ما شهدته سوق الأسهم المحلية في آخر جلساته لا يتعدى كونه عدوى من الأسواق العالمية.
وأكد الخليفي في مقابلة مع «العربية» على أن «ساما» ملتزمة بإبقاء سعر الصرف عند 3.75 ريال مقابل الدولار، مع التزامها بسياسة سعر الصرف الثابت الحالي للريال مقابل العملة الأمريكية، كما توقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3 في المائة هذا العام.
وبشأن ما يشهده سوق الأسهم السعودية من تطورات، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي الدكتور عبد الرحمن السلطان، إن هبوط السوق السابق بشكل تدريجي يُعتبر أمراً طبيعياً، والارتداد الذي حدث أمس يُعتبر تصحيحياً وإيجابياً، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط التي أثّرت بدورها أيضاً على جميع أسواق الأسهم في الدول الخليجية الأخرى، ولكن بالنسبة لسوق الأسهم المحلية كان هناك هبوط ملحوظ ومستمر في المؤشر، مرجعاً سبب ذلك - حسب وجهة نظره - بالإضافة إلى هبوط أسعار النفط قد يكمن في تسهيلات البنوك وتسييلها للمحافظ، لكونها تملك الصلاحية في التسييل والتداول، «ولو رجعنا للوراء وتحديداً في عام 2006 لوجدنا أن البنوك هي أكبر الرابحين من انهيار المؤشر».
وأضاف السلطان: «في حال انهيار سوق الأسهم بشكل كبير عادة ما تلجأ البنوك إلى تسييل المحافظ كي لا تتحمل أي خسارة، وهنا يأتي دور الجهة المنظمة وهي مؤسسة النقد من خلال إصدار أنظمة جديدة تحمي جميع الأطراف، إذ إن الأنظمة الحالية في اعتقادي تعمل على حماية البنوك بشكل كبير جداً»، مشدداً على ضرورة فصل عملية التداول عن البنوك وإسنادها إلى طرف ثالث، فالبنوك في الوقت الحالي تملك كافة الصلاحيات في التداول وتسييل المحافظ، مما أعطاها جرأة كبيرة في الإقراض، حيث من المفترض أن يكون عليها رقابة أكبر في هذا الجانب من الجهات المعنية بذلك، إذ أدى امتلاكها لهذه الصلاحيات إلى فشل العديد من شركات الوساطة المالية وأصبحت أدوارها شبه شكلية.
وعلى الصعيد ذاته، أوضح المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعوديين عبد الله البراك أن المشكلة في سوق الأسهم المحلية تتمثّل في تأثر المستثمرين نفسياً على جميع مستوياتهم بالأسواق الأخرى، إلى جانب العوامل المؤثرة في السوق كأسعار النفط، ففي حال هبوط الأسهم العالمية ينعكس ذلك مباشرة على المستثمرين، وبالتالي على السوق بوجه عام، وفي حال الارتفاع الخارجي قد لا يتأثر السوق أو يتأثر بشكل بسيط والسبب خوف المستثمرين من هبوط الأسهم في الأسواق الخارجية، أي أن العامل النفسي لدى المستثمرين في السوق السعودي يؤثر على أداء السوق دائماً، وذلك لتأثرهم بتقلبات وهبوط الأسهم الأمريكية والأوروبية أكثر من مستثمري تلك الدول.
وأبان البراك، أن السوق السعودي كسوق ناشئ من الطبيعي أن يرتبط بالاقتصاد العالمي، خصوصاً أن من أهم القطاعات التي يعتمد عليها قطاع البتروكيماويات، ويُعتبر مرتبطاً خارجياً وليس داخلياً، ومن هنا يأتي التأثير على السوق، كما أن الاقتصاد السعودي يُعتبر جزءاً من الاقتصاد العالمي، فأي نمو بالاقتصاد العالمي ينعكس على الاقتصاد السعودي، ومن الطبيعي أن يتأثر بتحركات الأسواق بالعوامل الإيجابية أو السلبية، لكن من الخطأ ربط السوق المحلي ربطاً كاملاً في هذه الأسواق وهذه المؤثرات، لافتاً إلى أن السوق السعودي يرتبط بثلاثة أسواق عالمية تشمل مؤشر (s p 500)، وأسواق وأسعار منتجات البتروكيماويات، والأسواق النفطية عموماً والتي تُعد الأكثر تحريكاً لسوق الأسهم المحلية. ولفت البراك، إلى أن مشكلة سوق الأسهم السعودي أنه تزامن مع فترة تصحيحه هبوطاً في أسعار النفط التي أدت بدورها للانخفاض الحاصل حالياً في المؤشر العام للسوق، مشيراً إلى أن تأثير أسعار النفط سنشاهده أيضاً في جميع المجالات الأخرى سواء العقار أو النقل أو الصناعة أو المقاولات وغيرها، ولكنه أصبح بشكل ملحوظ وفوري في سوق الأسهم، أي أنه أمر طبيعي أن نرى مثل هذا الانخفاض في المؤشر العام خصوصاً في ظل تراجع أسعار النفط الملحوظ.. كما أكد أن الإيجابية الموجودة حالياً في السوق تتمثّل في ارتفاع السيولة على الرغم من انخفاض المؤشر، أي أن هناك استثمار مستمر على الرغم من الانخفاض، إذ إن الخطورة الحقيقة تأتي دائماً من تزامن هبوط المؤشر مع انخفاض السيولة في الوقت ذاته.. وتابع: فعلى سيبل المثال على الإيجابية الحالية تم عرض نحو مليون سهم للبيع قابلها مليونا سهم للشراء، ما يعني أن هناك مناطق سعرية مغرية في السوق حالياً، حيث إن النزول تحت مستويات مكرر 13 سيزيد من عملية الشراء وبالتالي ارتفاع السيولة، ولكن الأهم من ذلك هل يستطيع السوق السعودي مستقبلاً المحافظة على متوسط السيولة الذي بلغ نحو 27 مليار ريال لكل ربع من الأعوام الثلاثة الماضية؟.
وقال البراك: «لا أؤيد إيقاف السوق في مثل هذه الانخفاضات، لكونه يدعو إلى مزيد من القلق ويطيل عمر التصحيح الذي يعيشه السوق وتصبح في الوقت ذاته فترة التعافي أطول، أي أنه لا بد أن نعطي السوق فرصة كي يعيد تصحيح نفسه بنفسه، حيث تأتي التدخلات عادة في الأشياء غير الطبيعية، فمثلاً لو أن أسعار النفط كانت في مستواها السابق وحدثت هذه الانخفاضات الكبيرة في سوق الأسهم، هنا يجب التدخل وإيقاف السوق والتحقيق في مواطن الخلل». وفيما يخص تسييل البنوك للمحافظ وتأثيرها على السوق، أشار عضو جمعية المحاسبين السعوديين إلى أن هذا الأمر متوقع من البنوك كي تحمي نفسها من الخسائر في حال هبوط المؤشر بشكل حاد، ولكن على المستثمرين المستفيدين من التسهيلات أن يعوا خطر هذه التسهيلات عليهم ويحذروا منها، فالبعض مثلاً يستثمر ضعف رأس المال، وفي حال الخسارة يفقد جميع الأرباح ورأس المال.