موضي الزهراني
عندما نستعرض أحداث تفجير المساجد التي حدثت في الآونة الأخيرة، لنجد أن هناك عاملاً مشتركاً بين المفجرين الانتحاريين وهو «المرحلة العمرية» مما يستوجب تحليل ذلك من عدة جوانب، من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقية التي تدفع بالشباب في هذه المرحلة العمرية على الإقدام على قتل الآخرين بأبشع قتلة، وتفجير أنفسهم بدون أي خوف أوتردد، وبإقدام جنوني غريب لم يقف أمامه أو يزعزعه حتى نوعية المكان المقدس «المساجد» ولا وضعية المستهدفين الخاشعة الآمنة «المصلين»! فالعمر له علاقة قوية بارتكاب الجرائم العنيفة، حيث أثبتت الدراسات الأمنية أن الفئة العمرية من (25 لأقل من 30) تبلغ نسبة مرتكبي الجرائم فيها أعلى من المراحل العمرية الأخرى، فهذه المرحلة العمرية بخلاف ما يسيطر عليها من أفكار سوداوية وانحرافية تجاه الدين الإسلامي، فإن أصحابها يتصفون بالقوة والنشاط والاندفاع، ويبلغ الكثير منهم أقصى طاقات الفتوة حيث تم تصنيف هذا العمر «بالعمر الإجرامي» حيث. يكون الفرد أكثر ميلاً لاقتراف الفعل الإجرامي مقارنة بالفئات العمرية الأخرى خاصة عندما يعيش في بيئة أسرية مفككة يسيطر عليها العنف والتفكك داخلياً وخارجياً! إلى جانب التفسير النفسي الذي مفاده بأن « تجارب الاحباط الشديد في مرحلتي الطفولة والمراهقة تؤدي إلى مخزون من الغضب نحو الآخرين قد ينتهي بالقيام بسلوك عنيف معهم بما في ذلك قتلهم» وتؤكد دراسة بالمر بأن القتلة قد مروا بصدمات وإيذاء يعادل ضعف ما تعرض له غير القتلة! وقد تعلموا كبت غضبهم ليتراكم عبر الوقت حتى يأتي وقت يكون فيه التعرض لغضبهم سبباً في جريمة قتل وحشية قد يكون أقرب الناس لهم ضحية لذلك! والنماذج لذلك كثيرة، وما تم من تفجير لبيوت الله وتفجير لأجساد المصلين في كذا منطقة شاهد على ذلك القتل الوحشي الذي لا تتحمله أي نفس بشرية! والفاعلين شباب في مقتبل العمر! مما يتطلب من الجهات الأمنية العليا وخاصة مقام وزارة الداخلية أن تعيد حساباتها ليس في شدة العقاب للمحرضين والمجرمين منهم فحسب، بل تعيد حساباتها من خلال آلية العمل والتنفيذ في لجان المناصحة، ومركز أبحاث مكافحة الجريمة، ومركز الحوار الوطني، والجهات الحقوقية، ومركز حوارات الأديان، وماهي الجهود التي قدمتها خلال السنوات الماضية للتعامل مع هذه الانتحارات المتكررة من شبابنا تجاه بلادهم وشعبه غير عابئين بالنتائج التي وصلت ذروتها بتفجير أنفسهم وقتل الملين ! ولابد أن نعترف بقوة بأن هناك خلل ما في الجهود السابقة سواء كانت في أسلوب التعامل مع فئات العمر الإجرامي وقضاياهم المختلفة، وأن هناك خللا في معالجة قضايا العنف الأسري التي بدأت ترتفع مؤشراتها عالياً عن السنوات الماضية، وأن هناك خللاً في البرامج الوقائية والرقابية قبل العقابية في جميع المستويات الاجتماعية والدينية والأمنية خاصة لفئة الشباب من الجنسين الذين أصبح جذبهم سهلاً لدى المعادين لبلدنا من خلال العولمة والانفتاح التكنولوجي خاصة ذات العمر الإجرامي منهم بسهولة لما يثير الفتن والرعب في البلاد.