موضي الزهراني
تعجز جميع الأقلام عن وصف الخدمات المقدمة على بقاع الحرمين الشريفين، وعن تقييم تلك الجهود المبذولة طوال اليوم وفي جميع المواسم الدينية وخاصة في موسمي شهر رمضان، وشهر الحج، اللذين تتزايد فيهما أفواج المعتمرين والحجاج، لدرجة أن العقل البشري لا يستوعب تلك المهارات المختلفة والقياسية في استيعاب كيفية تلبية احتياجات تلك الوفود متعددة الجنسيات في أيام معدودات، سواء من حيث توفر السكن المناسب، أو الاحتياجات اليومية الضرورية من مأكل ومشرب، إلى جانب تحقيق الأهم لجميع الزائرين لهذه البقاع الطاهرة ألا وهو «الأمن والأمان»، فما نراه في هذين الموسمين يفوق كل تصور من حيث تواجد رجال الأمن بمسمياتهم المختلفة، وحرصهم الشديد على تحقيق راحة المعتمرين والحجاج مهما كانت الأسباب، والصعوبات التي تواجههم من عدم تجاوب كثير من الزائرين لتوجيهاتهم، وخاصة الوفود النسائية العربية وغيرها اللاتي يشكلن صعوبة في التنظيم والالتزام بنظام الحرمين، والتعاون فيما بينهن في المصليات، والالتزام بالنظافة والهدوء والخشوع إما بالمشادات بسبب حجز الأماكن، أو بالاستلقاء للراحة والنوم لساعات وحجز أماكن مخصصة للصلاة، أو عند زيارة الروضة الشريفة التي تتعارك فيها الأجساد وتتعالى معها الأصوات للوصول للروضة عاجلاً، بالرغم من جهود المشرفات وصراخهن لضبط الوضع، مما ينعدم معها السكينة والخشوع، فتضطر بعض الزائرات مرغمات على الخروج بأقصى سرعتهن للخارج! إلى جانب ما هو أعظم وهو افتراش الممرات عند الطرق المؤدية لبوابات الحرم بسبب التأخر لأداء الصلاة، أو حجز الأماكن لشخصيات معينة تصل لدرجة «المشيخة» في الحرم كما تعتقد بعض الزائرات من دول أخرى، حيث يتم وضع كراسي خاصة لبعض السيدات تنتظرهن حارسات لهن قبل توزيع وجبات الإفطار، وقيام المرافقات معهن بالتوزيع على الصائمات ما تجود به السلال الكبيرة والتي تغص بالتمور والمشروبات والكيك والمعمول، وما يسببه ذلك من فوضى وإزعاج تؤثر على نظافة المكان وخشوعه ! بعيداً عن تدخل المنظمات في الحرم المكي بالذات ! إلى جانب أن الملاحظ هو تخصيص أماكن للرجال تفوق الأماكن المخصصة للنساء في الحرم المكي بالرغم من توسعته، وبالرغم أن عددهن لا يقل عن أعداد الرجال، وبالإمكان توجيههم للأدوار العلوية والسطح لمساحاته الشاسعة ولحظر النساء من دخوله بدلاً من تخصيص أغلب ساحة الحرم الداخلية لهم ! وبالرغم من تلك المواف التي تؤثر على قدسية المكان وطهارته، إلا أن الجهود العظيمة والمتواصلة داخل الحرمين تثلج الصدر، ويستحق أبطالها الشكر والتقدير المعنوي والمادي، سواء لرجال الأمن الأبطال، أو المنظمين والمنظمات عند البوابات الرئيسية، إلى الشباب المتطوعين في توزيع وجبات الإفطار على الصائمين بمهارة في وقتها، إلى عمال النظافة الماهرين في تنظيفهم مخلفات هذه الوفود الصائمة سواء داخل الحرم أو خارجه وفي وقت قياسي، حيث ترى أمامك كل شيء يلمع ويسطع بريقاً من نظافته ! فهذه الجهود الضخمة في مواسم دينية عظيمة تجتمع فيها جميع الجنسيات من دول العالم، تحتاج إلى تكثيف الوعي قبل تلك المواسم العظيمة بالاتفاق مع الحملات المنظمة للزيارة للحرمين، أو بين الزائرين بعد حضورهم سواء بالمحاضرات المستمرة، أو في خطبة الجمعة لأهميتها العظيمة في إيصال الرسائل التوعوية، لأن الدين هو النصيحة الحسنة، والدين أيضاً يترجم لسلوك واعٍ يحترم من حوله، وليس أداء للصلاة والصيام فقط!