موضي الزهراني
يعتبر التسول من الظواهر الاجتماعية العالمية الخطرة، والتي تختلف بحجمها من بلد لآخر، من حيث الأسباب والانتشار والأهداف، وآلية تنفيذها كذلك والتي تطورت إلى التسول الإلكتروني في الآونة الأخيرة، وللأسف الذي ساهم في تطورها واستمرارها في مجتمعنا بالذات، هي الطيبة والرحمة بحال الضعفاء، ومن مبدأ التكافل والتراحم الاجتماعي الذي أوصانا به ديننا الإسلامي، فقد فُتحت علينا أبواباً واسعة بسبب التعاطف مع المتسولين وبالذات فئتي النساء والأطفال! وبالرغم من العقوبات القديمة لمحاربة التسول وخاصة متكرري التسول والتي تقتصر فقط على إحالتهم للمراكز الأمنية لأخذ التعهدات عليهم بعدم تكرار التسول، أو الحبس لمدة 15 يوماً لمن لا يتقيد بالتعهدات السابقة، إلا أن ذلك لم يجد نفعاً في الآونة الأخيرة، بل ازداد الوضع سوءاً لعدم صرامة الإجراءات خاصة تجاه المقيمين الذين استغل كثير منهم وضعه في البلاد لتحسين وضعه المعيشي من حصيلة تسوله اليومي! ولقد وجّه وزير الشئون الاجتماعية الدكتور ماجد القصبي من خلال حسابه بالتويتر من أيام، نصيحة هامة تجاه المتسولين مضمونها «بأننا مجتمع معطاء، لكن التحقق والحذر بات ضرورة قصوى، وأن التعاطف معهم قد يجعل أموالنا في أيدي الجماعات المشبوهة»، وهذا ما حدث فعلاً في السنوات الماضية، حيث كان تعاطفنا مبالغاً فيه مع نماذج نسائية مشبوهة استغلت المواسم الدينية، واستغلت الأطفال الرضع، واستغلت طيبة وعطاء هذا الشعب العاطفي، لذا استمرت في تسولها بكل ثقة في الشوارع الرئيسية، وأمام المساجد، وعند الإشارات المرورية، بدون خوف من الجهات الرقابية! وللأسف الكثير لا يدرك بأنّ هذه المهنة المؤذية للنفس البشرية وكرامتها يكمن خلفها قضايا تسيء لأمن وأمان بلادنا! إلى جانب تلك النماذج المريضة والمتخفية تحت سقف الفقر والحاجة، وهي تمتلك عقارات وحسابات مختلفة في البنوك، فهذه النماذج من أخطر نماذج التسول لأنها تسيء لنفسها وللحالات المتعففة التي تُضيع عليها فرصاً كثيرة من المساعدات والدعم من الجهات المسئولة ! وما شاهدته أمامي من نماذج محزنة جداً لأطفال أفريقيين أمام الحرم المكي يستحق التدخل الصارم بحق من استغلهم في هذه المهنة اللاانسانية، فأحدهم بدون يد، والآخر بدون قدم، والثالث يُكفن جسده الهزيل بالجبائر، وغيرها من النماذج المحزنة والتي تتكرر كل عام أمام فنادق ساحات الحرم، لاستدرار عطف المصلين والمعمرين، ولاستثمار تجارتها أكثر في هذا الشهر الفضيل! لذا لابد من تفعيل العقوبات السابقة بحق المواطنين مع إحالة متكرري التسول بعد السجن للتشخيص النفسي، وإخضاعهم لبرامج سلوكية موجهة تساهم في تعديل نظرتهم لأنفسهم وللحياة واستغلال طاقاتهم فيما يخدمهم ويخدم مجتمعهم، أما بالنسبة للمقيمين فالجهود معهم ضائعة ولا يحتاج الأمر لتضييع الوقت وبذل المال عليهم، ومن الأفضل تنفيذ عقوبة الترحيل فوراً حتى يكونوا عبرة لمن لا يعتبر منهم!