أحمد بن عبدالرحمن الجبير
منذ فترة طويلة وهناك عدد من الخبراء في المملكة يتدارسون استعدادات المملكة لعصر ما بعد النفط، وعلى الرغم من أن التقديرات التي تؤكد أن هذا الأمر لن يحدث حتى عام 2050م، إلا أن هناك من دعا إلى ضرورة التفكير الإستراتيجي بهذه العوامل كجزء من قراءات المستقبل والاحتياط لمواجهة التحديات، وكان من بين القرارات: تأسيس الصندوق السيادي السعودي بهدف الاستفادة من الفائض المالي الحالي في استثمارات عالمية تدر دخلاً موازياً للمملكة لدخل النفط.
ما زال اهتمامنا النوعي والإستراتيجي والاقتصادي ببدائل عن دخل البترول دون المستوى المطلوب لأن التفكير الإستراتيجي في أوقات الرخاء يصاب أحياناً بالبطء الشديد، وأحياناً أخرى بعدم إيلاء ذلك الاهتمام أو العناية الجادة، فيما يعتبره بعض من باب المباريات الفكرية ليس إلا، فالتخطيط للمستقبل هو أول العمليات الضامنة.
لماذا نطرح هذا السؤال، ونقول إن هناك دورات للطاقة علينا التفكير بها، فقد نضب الفحم من قبل كمصدر للطاقة في العالم، ومن المعروف أن العالم يتطور ويتجدد دائماً وأن العلم المتقدم يسعى إلى إيجاد بدائل للطاقة. ما نخشاه أن هذا الاتجاه والعمل الدؤوب على إنتاج البديل للطاقة والنفط من قبل الدول المتقدمة والصناعية، ما هو إلا مؤشر على أن الاعتقاد عن نضوب النفط قادم لا محالة.
لذا يفترض أن نكون السعودية من الأوائل في استشراف وقراءة المستقبل، وإعداد البحوث والدراسات عن مصادر أخرى للدخل الوطني بديلاً عن النفط من الآن وليس غداً، لأن العالم سيجد بدائل للطاقة قريباً، وكبرى الشركات العملاقة بالعالم المتقدم بدأت فعلاً بالاستعداد لهذه المرحلة، والعالم يبحث لإيجاد سيارات تعمل بالطاقة البديلة، وهناك خبراء يتوقعون إنتاج بدائل للطاقة وبأسعار معقولة.
لقد بدت الولايات المتحدة الأمريكية بتوليد طاقات كهربائية باستخدام أفكار جديدة كالمراوح الكبيرة المنتشرة في مزارع القطن في ولايات أمريكية عدة، إذ إن بعضها يولد أكثر من 20% من الطاقة الكهربائية، كما اكتشف علماء في اليابان (هيدرات ميثان) جديدة، وهي بديل للطاقة، هي كافية لسد احتياج الطاقة في اليابان لمدة طويلة، إذ تعد اليابان أول دولة تكتشف (هيدرات الميثان)، وقد ينتقل نجاحها إلى دول صناعية أخرى.
ويعتقد أن بداية نضوب النفط قد بدأ، حيث إن أمريكا رفعت الحظر المفروض على تصدير النفط هذا العام، وسوف تصدر مليون برميل يومياً، وأصبحت تنافس على صناعات أخرى غير البترول، أما روسيا فسوف توجه الكثير من المشكلات، كما أن هناك استعداداً كبيراً في كل دول العالم المتقدم لمرحلة ما بعد نضوب النفط، ويتوقّع العلماء أن الأعوام القادمة ستكون أكثر تقدماً بسبب ازدهار عصر التكنلوجيا.
لذا يجب علينا التفكير في بدائل أخرى غير النفط، ويفترض الاستعداد لذلك مبكراً، وعلينا التخطيط المسبق لمواردنا البشرية وفقاً للخيارات المستقبلية القادمة، وبناء محاضن حقيقية للعلوم التطبيقية حيث يوجد لدينا طاقة متجددة هي الطاقة الشمسية، كما يجب الإنفاق على البحوث والدراسات العلمية للاستفادة منها وتصدير الكهرباء المتولدة بالطاقة الشمسية، والبحث عن بدائل ذات جدوى اقتصادية متقدمة.
أتمنى أن نرى ونسمع عن البحوث والدراسات والخطط الخاصة بإيجاد البديل عن النفط، وأن تدرس في مدارسنا وجامعاتنا، ويجب أن تكون مخرجات التعليم تتناسب مع تلك المرحلة، وعلى الدولة السعي وبأسرع وقت ممكن إلى تنويع مصادر الدخل، ودخول عصر الصناعات العملاقة مثل الإلكترونيات، والتقنيات الحديثة، والمعدات الصناعية والسيارات، وغيرها من الصناعات المتقدمة.
يجب ألا يظل اقتصادنا أحادي الجانب، لذا يفترض دعم الدراسات والبحوث التي تؤدي إلى تنوع الاقتصاد السعودي ودعمه بدماء جديدة، وكفاءات وطنية مؤهلة ودعم التصنيع، وإنشاء شركات عملاقة، وبناء مدن صناعية ذات تقنية عالية وحديثة، كما تفعل الدول الأخرى، ولعل اقتصاد اليابان وكوريا الجنوبية حري بالاتباع في ظل إمكاناتنا الضخمة.