بدر السعيّد
أيام قليلة تفصلنا عن حدث رياضي وطني هو الأول من نوعه على صعيد تاريخ الرياضة السعودية، ذلك أننا اخترنا هذه المرة تقديم أحد منتجاتنا الداخلية خارجياً.. وهو الأمر الذي يحمل طموحاً وتحدياً ومغامرة وفرصة وتجربة فريدة من نوعها مقارنة بتجاربنا في التسويق الرياضي..
حدث جاء بمثابة الوقود الذي زاد من اشتعال حرارة صيف الرياضة السعودية..
فالمتفائلون وجدوا فيه الفرصة لتقديم أنفسنا خارجياً والتسويق لمنتجنا بطريقة جديدة.. وهي بنظرهم تجربة تستحق المغامرة نظير العائد المادي والمعنوي الذي يتوقعونه ويأملونه في ذات الوقت..
والمتشائمون من هذه الخطوة وقفوا أمام هذا المقترح موقف الضد!! فهم لا يرون فيه أي إضافة لرياضتنا بل ذهبوا إلى تصويره بالتجربة الفاشلة قبل أن تنفذ وترى النور..
وبين هؤلاء وأولئك.. يقف فريق ثالث موقف الناقد المتوازن فلم يسهبوا في مديح تلك الخطوة.. ولم يسارعوا إلى تكسير مجاديفها.. وقد منحوا أنفسهم والآخرين فرصة الترقب والمتابعة.. ومن ثم تقييم التجربة والحكم عليها بمنظور عقلاني بكل روية وهدوء..
بدأت ردود الأفعال تجاه هذا القرار منذ تسريب خبر إقامة نهائي السوبر في العاصمة لندن.. ولم تنته حتى الآن.. وفي اعتقادي أنها لن تنتهي حتى بعد مغادرة آخر مشجع للديار الانجليزية..
قد أتفهم بعض ردود الأفعال تجاه رفض إقامة اللقاء في لندن أثناء تداول الخبر في بدايته وهي ردة فعل طبيعية ومنطقية وآراء أصحابها مكفولة بالاحترام والقبول..
لكني حالياً أتعجب من استمرار تلك الاسطوانة الرافضة لإقامة اللقاء في لندن على الرغم من علمهم بأن إقامتها في لندن باتت مسألة وقت.. وقاربت التحضيرات على الانتهاء وبيع من تذاكرها ما بيع..
فعن أي أمر يتحدث هؤلاء؟! وأي مطالبة يطرحونها في هذا الوقت؟!
لست هنا في مقام تأييد إقامتها في لندن من عدمه.. لكني أنتقد استمرار المطالبة بتغيير قرار نافذ يوشك على التطبيق..
اختبار السوبر!!
اقترب سوبر لندن.. واقترب معه اختبار كبير ينتظر الجميع.. وهنا يبرز سؤال اعتراضي أمامنا جميعاً.. كيف ستقدمون أنفسكم للآخرين؟!وحري بأن يطرح هذا السؤال على كل من له علاقة بهذا الحدث..
اتحاد الكرة.. وإدارة الناديين.. والأجهزة الإدارية.. والفنية.. واللاعبين.. والإعلام.. والجماهير.. جميعنا مطالبون بأن نكون في الموعد ونتعامل مع هذا الحدث كفرصة لتقديم النموذج الجميل والجديد لكرة القدم السعودية بكل مفرداته ومعانيه.. وكل فيما يخصه..
فليكن هذا الحدث بمثابة «المنتج» الجديد الذي سنقدمه للجميع مع مطلع موسمنا الرياضي القادم.. فليكن النموذج الأمثل لتعامل الكل مع الأنظمة والقوانين واحترام الآخرين بالوجه المأمول..
وليكن هذا الحدث فرصة لمصالحة كرة القدم السعودية مع نفسها..
العبث مع الأنظمة!!
ومن جملة الأحداث التي صاحبت صخب السوبر هو التعاطي العجيب مع قرارات إيقاف نجوم الفريقين والمطالبة برفع الإيقاف عنهم.. والأعجب منها هو تعامل اتحاد الكرة الموقر مع تلك المطالبات!!
إلى أين تتجهون برياضتنا يا كرام؟
كيف تسنون أنظمة.. ثم تطبقونها.. وتسمحون لأنفسكم بمناقشة «نسفها»!!
متى تدركون أنه لا قيمة لأي أنظمة ما لم يتوفر لها صياغة جيدة.. وصلاحيات نافذة.. ومساواة في التعامل.. والأهم هو الالتزام بالتطبيق والمحافظة على نفاذيته واستمراره..
لن تقوم للأنظمة والقوانين الرياضية قائمة طالما أننا نتعامل معها بهذا الأسلوب العبثي..
وإذا كنتم لا تبالون بقيمة ومعاني قراراتكم فعلى الأقل احترموا المناسبة التي حدثت فيها تلك المخالفات!! فأي رياضة نرتجي نضجها ونحن نتسابق على تبرئة المخطئ..
إذا أردت نسف وتقويض أي نظام أو قانون أو لائحة فاجعله في مواجهة مع الاستثناءات فإن غلبها وقاومها فله الحق باحترامه.. وإن غلبته وتجاوزته فليس له أي قيمة أو معنى.. إذ لا يمكن نقض أو تغيير الأنظمة والقوانين واللوائح إلا بمثلها وهو الاستئناف القانوني.. أما غير ذلك فهو «ضحك على الدقون»!!
آخر المسار
كل نفس طاهرة أزهقت في عسير.. هي في الواقع امتداد للأنفس الزكية الغالية التي ذهبت ضحية عنف وإرهاب يواجهه الوطن منذ زمن ولا يزال..
رجال أمننا هم صمام الأمان بعد حفظ الله سبحانه.. لهم علينا حقوق وواجبات.. وليس أقل من أن نرفع أكفنا بالدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وأن نسأل الله أن يجعل الجنة مثواهم.. ويمنحهم سبحانه منزلة الشهداء..
ولا يفوتني في هذا السياق أن أشيد بجميع المبادرات والمواقف التي تقدمها أنديتنا الرياضية تجاه شهداء الواجب.. ونشد على أيديهم ببذل وتقديم المزيد لتلك الفئة الغالية والهامة لمجتمعنا ووطننا.. وأدرك يقيناً أن إدارات الأندية لديها الوعي الكافي بأهمية التفاعل والمبادرة مع تلك القضايا فهي تملك فرصاً لا تتاح لغيرهم حيث يملكون منصات مباشرة مع شباب الوطن.. لذا فإنهم مطالبون بالمزيد والمزيد من الأدوار في هذا الاتجاه..
دمتم أحبة.. تقربكم الرياضة.. ويجمعكم وطن..