بدر السعيّد
لا ينفك ولا يتوقف أي مسؤول في هذا الاتحاد أو ذلك النادي في بذل أوقاتهم وجهودهم وأموالهم في سبيل تشكيل فريق منافس وجاهز للنزال.. ويتركز معظم اهتمامه لضمان استمرارية تلك الجاهزية طيلة فترات الموسم الرياضي..
ومنذ تولي المسؤول زمام العمل وهو في حالة من الصرف المالي الدائم.. فعملية اختيار الطاقم الفني واستقطاب اللاعبين وتجهيزهم ليست بالعملية الرخيصة أو سهلة المتناول.. واسألوا كل من خاض تلك التجارب أو كان قريباً من أصحاب القرار..
ينطلق المعسكر التدريبي مروراً بالتجارب الفنية والاختبارات الإعدادية، ومن بعده يبدأ الموسم حتى نهايته.. مراحل متعددة يمر بها اللاعب والفريق.. يتخللها حالات صحية سلبية لا سمح الله.. وهي حالات واردة في عالم الرياضة.. ولا يكاد فريق رياضي يخلو من خلل في صفوفه بسبب التعب أو الإعياء أو الإصابات..
وهنا يجدر بنا أن نتوقف قليلاً لنراجع جاهزيتنا لتلك الحالات الوارد حدوثها.. ونتساءل:
هل قام المسؤول الرياضي باتخاذ التدابير اللازمة والوقائية لمثل ذلك؟
هل كان ضمن أجندته وخططه التحضيرية مجال واهتمام ووقت ومال لذلك الغرض؟
إن الطب الرياضي يا سادة بات أصلاً من أصول صناعة الرياضة.. لم يعد الأمر مجرد بهرجة أو كماليات نكمل بها فريق العمل الرياضي المرافق للاعب!! فالأمر أكبر وأهم من ذلك وأشمل بكثير..
قيل قديماً (درهم وقاية خير من قنطار علاج). قرأناها، وحفظناها في الصغر.. نرددها ونكتبها، والقليل منا من يعمل بها!!
كم من فريق أو اتحاد رياضي تكبد خسائر فادحة فنياً ومالياً ومعنوياً من جراء اعتزال نجم بسبب الإصابة أو تأخُّر شفائه وعودته للملاعب!
كم من المبالغ المالية الطائلة التي تتكبدها الاتحادات والأندية نظير استعانتهم «المتأخرة» بمختص هنا أو هناك بحثاً عن الخروج من ظلمة الإصابة، وأملاً في عودة عاجلة للاعبيهم!
كم من لاعب تأخرت عودته للملاعب بسبب تشخيص خاطئ!
كم من لاعب بات أسير الإصابة بسبب ضعف البرنامج التأهيلي!
كم من لاعب راح ضحية استخدام خاطئ لمستحضرات تحتوي على المواد المحظورة رياضياً، ثم وقع أمام إدانته باستخدام المنشطات المحظورة رياضياً!
لم يفكر أولئك الباذلون الأسخياء لأنديتهم ما مدى أهمية وجود فريق طبي مختص ومتعدد التخصصات في مجالات الطب الرياضي الواسعة، كالطب العام وأخصائي العظام والإصابات الرياضية وأخصائي العلاج الطبيعي وأخصائي التغذية الرياضية والأخصائي النفسي وغيرهم، مع طاقم مساعد يلبي الاحتياجات الطبية والصحية كافة، ويكون هو جدار الدفاع الأول بعد حفظ الله لأولئك النجوم الذين قد تتوقف حياتهم الرياضية أو يحرمون مجبرين من خوض المنافسات لفترات قد تطول.. والسبب إما غياب الفريق الطبي أو عدم كفاءته!!
فبمثل ما تحرصون على جلب المدربين العالميين والأجانب المحترفين والنجوم المحليين فإنه عليكم في الوقت ذاته أن تؤمنوا فريقاً طبياً يتم اختياره بعناية شديدة مع شرط شموله على الاحتياجات كافة..
وبمثل ما تحرصون على تجهيز الملاعب وغرف المعسكر واستئجار الطائرات الخاصة.. فكروا ولو قليلاً بتجهيز مركز طبي متكامل؛ ليكون بمنزلة الاستثمار الأمثل لمستقبل الرياضة والمحافظة على سلامة الرياضيين..
أدرك يقيناً - تماماً كما تدركون - أن ما سبق ما هو إلا أسباب لن تلغي فرص حصول الإصابات أو الإجهاد أو أي أعراض صحية سلبية كانت لا سمح الله.. لكنها في الوقت ذاته ستحد من ذلك بكل تأكيد.. وستقلل من فرص الإصابة.. وإن حصلت الإصابة فإنها ستقلل من فترة التشافي والتأهيل..
وفي الوقت ذاته فإن إجراءات الكشف السريري.. والفحوصات الطبية المخبرية.. التي تجرى بشكل روتيني قبل بداية المعسكر ينبغي ألا تكون مجرد خطوات تقليدية، يفتتح بها المعسكر!!
فتلك الإجراءات لا بد أن تكون مراحل تكميلية لما سبقها من تاريخ صحي للاعب.. وقراءات مرجعية يعتد بها في المستقبل الصحي للاعب.. إضافة إلى أهمية تفعيل وتطبيق اختبارات اللياقة وفسيولوجيا الجهد البدني بالشكل العلمي الصحيح؛ فهي أحد أهم المعايير التي يستند إليها الطاقم الفني والطبي المحترف طوال فترات الموسم الرياضي..
ألوف الوقاية أم ملايين العلاج؟!
وبعد ذلك الموجز السريع الذي تناولته في أهمية دور الطب الرياضي ضمن خارطة العمل داخل منظمات الأعمال الرياضية.. فإني هنا أعود للتساؤل من جديد:
هل سيستخسر المسؤول إنفاق ما يقارب ؟?? من ميزانيته السنوية في إنشاء أو استكمال تجهيز مركز طبي متكامل واستقطاب فريق طبي «متفرغ»، يستفيد منه جميع الرياضيين في مختلف الألعاب بالنادي؟!
أم ستستمر الأوضاع عند البعض كما كانت.. فينفقون الملايين هنا وهناك، ويتناسون أحد أهم الأركان الأساسية في صناعة الرياضة؟!
طرحت ما طرحت وأنا بين دعاء وأمل..
الدعاء بأن يحفظ الله رياضيينا من أخطار الإصابات، وأن يمدهم بالحماية والقوة..
وأمل بأن تصل هذه الرسالة لكل مقصر في هذا الجانب؛ لكي يصحح مساره..
دمتم أحبة.. تقربكم الرياضة.. ويجمعكم وطن..