جاسر عبدالعزيز الجاسر
اعتبر العديد من المتابعين لما يجري في المنطقة العربية من اجتماعات ضمت وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزيري خارجية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي، اجتماعات غير مسبوقة، وأنها تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدول الكبرى، وذلك بعد أن تجاوزت الأخطار والتهديدات دول المنطقة وأصبحت تهدد أمن العديد من الدول بما فيها الدول الكبرى، حيث أصبح الروس يتحسسون من امتداد وتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة إلى حدودهم، وبالذات إلى منطقة القوقاز التي تضم دولاً ذات حكم ذاتي ذي أغلبية إسلامية ضمن الاتحاد الروسي، وأن الدوائر الروسية قد رصدت العديد من المواطنين الروس خصوصاً من الشيشان والتتار من أبناء القوقاز يقاتلون ضمن الجماعات الإرهابية في سوريا، وأن مجاميع هؤلاء المقاتلين يشكلون قوة ستشكل تهديدا جديا إِذْ ما عادت للقوقاز، ولهذا فإنَّ روسيا تسعى إلى تكوين تحالف دولي وإقليمي لمحاربة الإرهاب في مناطقه قبل أن ينتشر في بلدان أخرى.
الوزير الروسي وجد تجاوباً من الدول الإقليمية التي تضررت كثيراً من أعمال المنظمات الإرهابية، وأن دول الخليج العربية على الاستعداد للتعاون في هذا السياق، على أن تكون مواجهة الإرهاب بلا انتقائية، إِذْ لا يمكن التعامل مع إرهاب المنظمات المتشددة التي تتبع أهل السنة، وتجاهل إرهاب المنظمات المتشددة التي تتبع المذهب الشيعي.
نعم تقر دول الخليج العربية مثل روسيا وأمريكا بأن داعش والقاعدة وحتى النصرة جماعات إرهابية يجب التصدي لها، ولكن أيضاً لا يجب تجاهل أعمال المليشيات الإرهابية الشيعية التي فرضت سطوتها وتمارس الإرهاب والقتل ضد أهل السنة في العراق وسوريا، وأن كلا النظامين في بغداد ودمشق يستعين بهذه المليشيات لتقاتل معهم وتوجههم للتصدي لأهل السنة بحجة محاربة داعش والقاعدة، وهذا من أهم الأسباب التي أفشلت جهود محاربة الإرهابيين، إِذْ إن الانتقائية واقتصار محاربة الإرهاب على أبناء المكون السني، ودعم الإرهاب الذي يمارسه أبناء المكون الشيعي يدفع العديد من المتعاطفين مع ضحايا إرهاب المكون الآخر إلى الرد على عمليات وإرهاب المكون المذهب الثاني، وهكذا تتواصل العمليات وتتشابك، وهو الأسلوب الذي اعتمدته إيران وعممته في العراق حتى تدعي بأنها تدافع عن أبناء المكون الشيعي، فيما أظهرت الوثائق والوقائع أنها هي التي دعمت الجماعات الإرهابية المنسوبة للمكون السني، ودفعتها إلى ارتكاب الأعمال الإرهابية ضد شيعة العراق في بغداد وسامراء.