هدى بنت فهد المعجل
كيف لي أن أصف شعور مَنْ كان على بُعد دقائق من موت.. ووُهِبَتْ له الحياة في ثوان؟!
- كيف لي أن أترجم أحاسيسه، وأفرغ طاقة السعادة البيضاء من صدره على صدر ورق أبيض كبياض الثلج المجروش والمتراكم فوق بعضه بعضاً؟!
- كيف لي أن أرسم ملامحه، وملامح فرحة عانقت جبينه ولم أُعْطَ مَلَكَة الرسم حتى أغوص في حفر الأنس على وجهه، ووجه مَنْ ابتهج لخبر منح الحياة له؟!
- جناية القتل العمد ككل جناية تتطلب حقاً عاماً وخاصاً.
- الحق العام موكل بأخذه القاضي حسب ما يترتب على جنايته من حكم.. والحق الخاص بيد أهل المقتول.
ليس من السهل احتمال الفَقْد.. فَقْد عزيز غالٍ.. فكيف عندما يفقد غدراً وغيلة على يد قاتل ما؟!
القاتل يُقتل.. هكذا اقتضت الشريعة الإسلامية.. ولكن قد يندم القاتل على خطئه، ويكون السجن مدرسة تهيئه للتوبة، والندم، والعزم على عدم العودة للجرم مرة أخرى.. فهل أبواب إسقاط الحكم عنه مفتوحة لأجله.. ولأجل كل تائب، نادم، عازم على المضي في طريق الاستقامة والصلاح؟! بفضل الله ثم بفضل أهل الخير أصبح باب إسقاط الحكم عنه مشرعاً على مصراعيه.. حتى إننا بدأنا نرى رقاباً عدة عتقت من القتل وتنفيذ حكم القصاص عليها بفضل مبالغ تدفع بالملايين من قبل أهل القاتل، أو من فئة ابتغت الخير، وجعلته منهاجاً وطريقاً.
الفرحة لا تسع ساحة الإعدام عند إذاعة خبر العفو.. ولكن نخشى أن يصبح العفو ديدن الكثير فيؤدي إلى التهاون في القتل، وتفشي الجريمة إذا ما علمنا أن بعض أسر المجني عليهم والمقتولين ظلماً وغيلة وعدواناً قد يغريهم المال المدفوع بالملايين في التنازل عن حقهم في دم قريبهم المقتول، خاصةً ونحن نرى المبالغة في طلب مبالغ خيالية مقابل التنازل عن الحق الخاص..!! ودفع أسر بعض الجناة المحكوم عليهم بالإعدام إلى طرق الأبواب والإعلان في الصحف والتعميم في طلب مساعدة المحكوم عليه بالإعدام بالمال ليسقط عنه الحكم..!
فهل كل مَنْ عُفِي عنه مقابل دية أهل لأن يُعْفَى عنه؟!
منح الحياة لمَنْ هو على بُعد ثوان من موت نعمة يوهب لأجلها الغالي والنفيس.. ولكن نخشى أن تحرض على ما لا نريده لمجتمعنا الإسلامي.