هدى بنت فهد المعجل
في خضم الأحداث المتلاحقة أجد أن القراءة في سيناريو تلك الأحداث، ماضيها حاضرها مستقبلها أفضل من الحديث في شأن أو شؤون نجهل الكثير عنها قبل وبعد والآن وغداً.
خلال شهر رمضان وحده استجدت أحداث عدة قوام أغلبها الإرهاب، ولأننا نجهل مفهوم الإرهاب وجدنا كل شخص يصنّف الذي حدث من رؤيته الخاصة ومن مفهومه القاصر للإرهاب عندما يحمّل دينا أو مذهبا ما لا يحتمل من مسؤولية الإرهاب كالذي حمّل الدين الإسلامي أو حمّل السلفية أو حمّل السنة وربما حمّل الشيعة تلك المسؤولية، وقد ساهمت قنوات التواصل في أن يهرف أغلب الناس بما لا يعرفون كي يتماشوا مع الذي يدور في تلك القنوات بالتالي يقولون لهم نحن لدينا فهم ودراية بالأحداث لا يقل عن فهمكم ودرايتكم، في حين أن واقع معلوماته وآرائهم تقول العكس.
الحقيقة أن بعض قضايا الساعة ومستجداتها والذي وقع شيء منها في هذا الشهر الفضيل تحتاج محللين ومفكرين قارئي ملفات وأجندات سياسية، مطلعين على خفايا الصراعات العالمية، وقد استمتع لحوار مقتضب مع المفكر المغربي محمد نور الدين أفاية قدم فيه تحليلاً بحسب زمن البرنامج للذي يحدث الآن في الوطن العربي والخليج والأيدي تتولى تحريك الإرهاب في الخفاء غير تلك التي في العلن، حيث هناك من يعتاش مع أحداث الفوضى في الوطن العربي والخليج، وكان ملخص الحوار إشارة المفكر المغربي إلى إن المتطرفين الجدد استفادوا من تشويه وتخريب كل ما هو تنويري في مجتمعاتنا العربية، مضيفاً إن إسرائيل هي الفيروس الحقيقي الذي يهدد المنطقة العربية. وأوضح خلال حواره مع الإعلامي محمود الورواري مقدم برنامج «منارات» المذاع على شاشة «العربية» أن هناك تحالفا موضوعيا على الأرض السورية ما بين المتطرفين وإسرائيل بهدف تفجير العالم العربي من داخله.
وأضاف أن المجتمعات العربية عاشت طوال العقود الأخيرة تحت تحالف الاستبداد والفساد والتدين السطحي، مؤكداً أن النزعة التكفيرية كانت موجودة عند فرق الخوارج في جميع مراحل التاريخ الإسلامي. حوار قصير لكنه ثري لمن يرغب في معرفة شيء من الحقيقة من مصادرها الجادة لا من قنوات تواصل تعبّر عن رأيها من منطلق فهم غيرها المنقول عن فهم آخر، وهنا المشكلة عندما يتم تناقل فهم الأحداث بطريقة العنعنة مع توقعي أن أغلب ناقلي الآراء لم يحدث أن جلسوا للاستماع لمحلل سياسي أو لمفكر قارئ دقيق وباحث جيد. بل إن مفهوم الإرهاب يختلف من فكر لآخر ومنها ما هو سطحي بحت، كما وأن المفهوم الخاص للإرهاب يختلف عن المفهوم العام لكنه ينتهي لكونه ترويعاً وتخويفاً وقض مضاجع مؤسساً وليس عشوائياً عبثياً. وقد قاد هذا المفهوم إلى تعريف الإرهاب بالاستناد إلى تعداد الجرائم التي تعد إرهابية دون البحث في الغرض أو الهدف من العمل الإرهاببي. وفي هذا الاتجاه يذهب (بروس بالمر) إلى إن الإرهاب قابل للتعريف فيما إذا كانت الأعمال التي يضمها معناه، يجري تعدادها وتعريفها بصورة دقيقة، وبطريقة موضوعية دون تمييز فيما يتعلق بالفاعل مثل الأفراد، وأعضاء الجماعات السياسية، وعملاء دولة من الدول. لكنهم يرون قصور هذا المفهوم من حيث إنه تجاوز أهم عنصر من عناصر الجريمة الإرهابية وهو الغرض، أو الهدف الأساسي. لكن مهما كان قاصراً فإنه لن يشبه قصور الذين يهرفون بما لا يعرفون فقط من أجل مجاراة من يدعي المعرفة من حولهم، لذا لنترك الكلام جانبا حتى نفهم، فإذا انعدم الفهم فإن الصمت أولى وأرحم.