د. حمزة السالم
في وقت كان العالم بقيادة أمريكا مُقاطعا لإيران ومعرضا عنها غير مدرك للخطر الذي ينمو في داخلها، أدركت المملكة العربية السعودية الخطر الإيراني القادم، فكانت السعودية أول دولة معنية بخطر وشر إيران، ابتدأت فتح باب المفاوضات مع إيران بقيادة الملك عبد الله -رحمه الله- عندما كان وليا للعهد، وقد أبلت السياسة السعودية بلاء حسنا وتقدمت تقدما كبيرا. وأعلنت إيران عام 2004 إيقاف برنامجها النووي والسماح للمفتشين الدوليين، فما كان من ملالي الشيطان إلا أن غلبوا على الحزب الإيراني الحاكم، وطردوا المعتدلين وجردوهم من مكانتهم الدينية وجاءوا برجلهم رجل مرحلة الشر الإيراني، أحمد نجادي، فأعلنت إيران عودة برنامجها النووي، ونقضوا الاتفاقية مع المنظمة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي، وقطع نجادي كل حبل وكل صلة سابقة يمكن أن تمنعه عن مخطط الشر النووي.
وفي عام 2006 أعلن نجادي عن تخصيب اليورانيوم، فتشكلت مجموعة 5+1- التي تضم الخمسة الدول النووية في العالم، وألمانيا كممثلة عن الاتحاد الأوربي- لإقناع إيران بالعدول عن مخططها، إلا أن أمريكا تجنبت طاولة المفاوضات.
وفي عام 2007 أكدت منظمة الطاقة عدم إمكانية تملك إيران للسلاح النووي خلال سنوات، وحينها أعلنت أمريكا حصارا شديدا على إيران فوق حصارها السابق الذي فرضته عليها قبل ثلاثين عاما. وبعدها قام نجادي بزيارة للعراق وطالب بخروج القوات الأجنبية منه متعهدا بقيام إيران بإعادة بناء العراق.
وفي آخر رئاسة بوش الثانية، اشتركت أمريكا لأول مرة مع مجموعة 5+1 في المفاوضات الإيرانية، بعد تقارير تقدم إيران في مجال السلاح النووي وقدمت إدارة بوش عرضا سخيا لإيران، رفضه الملالي.
وفي عام 2010 بان وظهر تقدم إيران نوويا فقامت تركيا والبرازيل بعقد معاهدات نووية منفردة مع إيران، الأمر الذي أشعل الموقف وأغضب الجانب الأمريكي. إلا أن كلتا المعاهدتين انهارتا فيما بعد.
وفي عام 2011 انهارت جميع حبال التواصل بين مجموعة 5+1 وإيران. فشارك بعدها الاتحاد الأوربي في الحصار الإيراني وجمدوا ممتلكات بنك إيران المركزي لديهم، وقاطعوا نفطه.
وفي عام 2012 وبالضبط مع نهاية رئاسة نجادي اجتمع مسئولون أمريكيون مع مسئولين إيرانيين سرا في سلطنة عمان. وبعد هذا الاجتماع مباشرة سقط نجادي في الانتخابات وجاء روحاني رئيسا على إيران بعد أن أسقط عددا كبيرا من ملالي شياطين قم.
ولأول مرة منذ ثورة الشيطان الخمينية، صار تواصل بين إيران وأمريكا على مستوى الرئاسة وتحدث أوباما هاتفيا مع روحاني. وبدأت المفاوضات مع مجموعة 5+1 وبدأ توجه الإعلام الأمريكي ويتبعه الإعلام العالمي بإعلانه رفض التفاوض مع إيران وبدأ بالهجوم على إدارة أوباما.
وتأخرت المفاوضات عن مراحلها المُفترضة، فمُدد لها أربعة أشهر نهائية، خلالها حاولت إيران جس العزم الأمريكي ومدى استعدادها للانتقال من طاولة المفاوضات لميدان الحرب، فأرسلت قافلة محملة بالسلاح لمساندة الحوثيين في اليمن، وفي لحظتها حركت أمريكا حاملة الطائرات روزفلت للمنطقة، وخاطب وزير الخارجية الأمريكي بوضوح قائلا له «دعني أفهمك هذا بوضوح تام لا التباس فيه، إن لم تعد القافلة أدراجها فإن هذا سيؤدي لمواجهة حقيقية كاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس هناك أي فسحة مجال تحمل في هذا. فعادت القافلة أدراجها لإيران.
وفي هذه الأشهر الأخيرة كذلك، تصاعد هجوم الإعلام العالمي على أمريكا واشتد الداخل الأمريكي والجمهوريين في هجومهم في تشويه مقدرة أوباما السياسية وضعفه. وكان الهجوم الداخلي، مادة دسمة للإعلام العالمي المستقل منه والشبه مستقل والإعلام المعادي، ليرسم نصرا إعلاميا إيرانيا يحفظ به ماء وجه ملالي شياطين قم ويغطي على سلمهم المُخزية التي آثروا فيها السلامة من حرب مجلية.
فأي نصر في اتفاقية في حقيقتها سلبتهم كل سلاح عدائي وأخضعتهم لكل قرار أمم متحدة سابق، وشرعت شن الحرب عليها بقرار أمريكي فقط متى اعتقدت أن بندا لم يُلتزم به. وسأتطرق لبنود الاتفاق مقال الخميس القادم، فنقرأ بعمق دلالات البنود الصارمة الشاملة لكل شر قامت به إيران أو يمكن أن تقوم به، فلا تغرنا لطافة اللفظ وظرافة العبارة، فهذه مما يتنازل عنه المفاوض المنتصر الأقوى للمستسلم الضعيف المهزوم. كاتفاقية أمريكا واليابان بعد الحرب العالمية.
فقد تكون الاتفاقية نصرا لإيران، إن سَلِمَت إيران من مردة شياطين ملالي قم، فلم تغش أو تتجرأ على نقض بند من الاتفاقية. فتنصرف إيران لإصلاح وضعها، ويعودوا لطريق الحضارة الإنسانية، فيشاركوا في بنائها، ويبنوا صروح صداقات وإخاء مع جيرانهم والعالم، بدلا هذرفة كهان قم وشعوذة ملاليها.فإن فعلت ذلك فتكون قد ظفرت بنصر كنصر اليابان في اتفاقيتهم مع أمريكا بعد الحرب، ولكن دون دمار بلادهم واحتلالها وقتل شعبهم كما حدث لليابان، فإن حصل، وإيران قادرة، قامت حضارة لإيران كحضارة اليابان المسلمة اليوم، فبلا شك أن هذا نصر مضاعف لإيران عن نصر اليابان الذي كلفهم دمار بلادهم ودماء شعبهم.
وهو نصر لنا، فلا يعود يشغلنا هم شرهم وشر شياطين ملالي قم ومكرهم، لنستبدله بهم سبق إيران في الحضارة والرقي والاقتصاد.
ولنُحكم الحقائق التاريخية والحاضرة، وندع أساطير المؤامرات الأزلية، فما أقالت ملالي قم نجادي، وتجاوزت كبار مردة شياطين ملالي قم، بعد اجتماع سري مع الأمريكان في سلطنة عمان، لتجعل روحاني زعيما عليهم بعده، ليبدأ المفاوضات، إلا من حر أوضاع داخلية مُتفجرة قد سئمت شعوذة شياطين الملالي. وما تجنبوا إنتاج أول قنبلة نووية وقد كان بإمكانهم إنتاجها في الفترة الماضية، إلا خوفا عاما ورعبا قاتلا أن يكون هذا الإذن بشن حرب مُجلية، يدمر إيران ويخرج الملالي بخسارة كاملة وذل وخزي لا ينساه التاريخ. وهذا الإذن أصبح اليوم ممنوحا وقانونيا، ولو بشحنة سلاح إيرانية للعراق أو اليمن أو لبنان، بل ولو لاعتقاد أمريكي بمخالفة إيرانية.
ولنعلم أن هناك مجموعات من بعض المهاجرين أو المُهَجرين قسرا، من العرب والفرس يتلبسون بقومية أو دين، بينما قلوبهم تمتلئ حقدا وغيظا على أقوامهم ويحلمون باليوم الذي يرون فيه المنطقة كلها تشتعل، عربها وفرسها، قد شملها الفقر وأحاط بها الدمار والدم والهلاك، فهم لا يألون جُهدا،كتابة وحديثا وترويجا وتأليفا، لإحباط أي محاولة تجنب المنطقة ويلات حرب غير معروف إلى أي مدى تمتد آثارها المدمرة. فسلاح اليوم سلاح دمار شامل، وشياطين ملالي قم متى رأوا هلاكهم، فلن يتورعوا عن إهلاك كل ما تقدر عليه موادهم النووية ولو بسكبها في الخليج، فهذه الشريحة النجسة الملفوظة من قومها، يروجون اليوم نصرا فارسيا، ليستفزوا حمية العرب في جانبها السلبي.
هذه الشريحة هي قاذورات لفظتها شعوبهم -أعربا كانوا أم فُرسا- كما يلفظ الجسد الأذى، فيصبح الأذى بعد لفظه، مستودعا للسموم والجراثيم، فإن تمكنت هذه القاذورات من جسدها مرة أخرى، أهلكته هلاكا موجعا مؤلما.
وما تُلام القاذورات على إفراز السموم والأمراض فهذا طبعها وخلقتها، إنما يُلام من ينقل هذه السموم لجسده وجسد قومه جهلا أو كِبرا أو عنادا أو تقليدا وترديدا لأفكار غيره لم يمحصها ويختبر صدقها ومنطقها.