د. عبدالرحمن الشلاش
قد تواجه بعض السياح العرب وبالذات الخليجيين صعوبة الحصول على تأشيرة للدخول لبعض البلدان الأوربية لكن مثل هذه الإشكالية سرعان ما يتم تجاوزها بمجرد الظفر بالتأشيرة ليدخل السائح في معضلات أخرى قد تعصف برغبته وأفراد عائلته بقضاء صيفية مختلقة بعيدا عن الحر وفي أحضان الطبيعة الخلابة. من هذه المعضلات مسألة حجوزات الطيران وأسعار التذاكر المرتفعة , وكذلك حجوزات الفنادق والشقق المفروشة , وقد تبدو اللغة معضلة للبعض رغم أن من يجيد اللغة الإنجليزية ولو إجادة متوسطة لن يجد معاناة كون اللغة الإنجليزية قد فرضت نفسها في أوربا.
هناك صعوبات تواجه السائح العربي تعود غالبا لعدم فهمه بأنظمة تلك الدول وقوانينها وهي بالتأكيد تختلف كلية عن ما تعود عليه في بلاده حيث يمنح مرونة أكثر ربما حولته بطريقة غير مباشرة إلى شخص فوضوي وهذا الأمر غير مقبول إطلاقا في الدول الأوربية فما على السائح حتى يتكيف مع الأوضاع إلا الانصياع التام لتلك القوانين وإلا فإنه سيعرض نفسه للغرامات المالية فنظام «الحنية» والصفح وآخر مرة وما راح أعودها غير سارية المفعول في دول أسست نفسها على رفض السلوك الأخرق ومن يمارس تلك السلوكيات الشاذة عن قواعد النظام فسيعرض نفسه إن أفلت من عين الرقيب للازدراء والسخرية من شعوب تلك الدول التي تربت على المسؤولية واحترام القانون والنظام واحترام حقوق باقي الأفراد والدقة في المواعيد وعدم قبول أي إزعاج أو رمي للمخلفات أو تخريب للمرافق العامة.
في بلادنا نغادر الفندق أو الشقة بعد الساعة الثانية وقد تصل في بعض الأماكن إلى الساعة الرابعة عصرا لكن في النمسا مثلا عليك المغادرة في موعد أقصاه الحادية عشرة صباحا. لديهم ثقة كبيرة في أن أفراد مجتمعهم سيوفون بكل ما عليهم من التزامات فقد لا يطالبونك بسداد ما عليك من مبالغ إلا عند المغادرة لكن إن غادرت ولم تسدد فسيطالك القانون قبل أن تغادر أراضي تلك الدول. تواجه السائح العربي وبالذات الجديد صعوبات جمة في التكيف مع الحالة العامة في أوربا مثل الوقوف في الطوابير، وعبور الشوارع عبر ممرات المشاة، وانتظام العائلات أثناء التجول في الأسواق والحدائق وغيرها . عند وصولي قرية «سال باخ» السياحية في النمسا سلمتني مديرة السكن ملفا يحتوي على الشروط والضوابط التي يجب علي وأفراد عائلتي التقيد بها حتى مغادرة السكن ومنها إطفاء جميع الأنوار عند الذهاب للنوم وعدم تبذير الماء، وبعد الساعة العاشرة ليلا ممنوع إصدار أي نوع من الإزعاج، ووضع النفايات في المكان المخصص لها، والالتزام بدفع ثمن أي شيء يتم إتلافه، وترك جميع المرافق نظيفة قبل المغادرة.
بسبب أن بعض السياح يتجاوزن الأنظمة ويلقون القمامة في الأماكن العامة ويزعجون بأطفالهم السكان فقد بث التلفزيون النمساوي تقريرا يطالب فيه بعض المواطنين النمساويين منع السياح العرب من دخول النمسا لأنهم على حد تعبيرهم يسببون لهم الإزعاج ويرمون القمامة وحتى الحيوانات لم تسلم منهم . شعوب تعودت على النظام وحل عليهم فجأة من يعكر صفوهم وأتساءل هنا عن دور الجهات ذات العلاقة في توعية وتثقيف بعض السياح قبل سفرهم لدول أوربا ومنها النمسا لنقل صورة حسنة عن مجتمعاتنا أو منع من لا يلتزم من السفر نهائيا.