د. عبدالرحمن الشلاش
من الذي حول شبابنا السعودي إلى أدوات فتاكة لقتل أنفسهم بأنفسهم قبل أن يقتلوا المئات من الأبرياء؟ ومن الذي حول طموحهم من تحقيق أهدافهم في الحياة بعبادة ربهم على بصيرة طلبا لجنته بالتقرب إليه في أجواء نقاء وسلام وحب وتسامح إلى طموح ساذج وغبي وأحمق بلبس حزام ناسف لتفجير أنفسهم أولا ثم إعدام العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم ولا خطيئة؟
من الذي غسل أدمغتهم بتلك الطريقة المفزعة ليقنعهم ويغرس اليقين في نفوسهم بأن إرضاء الله والجهاد في سبيله وبالتالي الاستشهاد ودخول الجنة لا يمكن أن يتم إلا بلبس الأحزمة الناسفة شديدة الانفجار والفتك وتنفيذ التفجيرات في المساجد والتجمعات ونقاط التفتيش والمنشآت الحيوية؟.
لماذا يجد هذا الفكر الأسود بيئته المناسبة في السعودية دون غيرها رغم جهود الدولة المضنية لمحاربة الإرهاب على مدى سنوات طويلة؟.
للإجابة الواضحة وغير المبهمة على هذه الأسئلة وغيرها يجب أن نكون أيضا صريحين وواضحين ولا ندس رؤوسنا في الرمال. إذا كنا جادين في تلمس الأسباب الحقيقية لتنامي لبس الأحزمة الناسفة في بلادنا على وجه الخصوص وقابلية الشباب السعودي للانخراط السريع دون غيرهم في الجماعات الإرهابية فعلينا أيضا أن لا ننساق خلف من يحاولون التدليس أو التهوين من الأمر لهوى في أنفسهم، وذلك بترويج أسباب واهية كتعليق الأمر على فراغ الشباب والبطالة والفقر رغم أن هذه الأسباب موجودة في كل دول العالم دون استثناء!
البطالة لم تضطر شباب بعض البلاد المجاورة مثلا للخروج عن طوع حكوماتهم والالتحاق بجماعات الإرهاب والتي استرخصت الشاب السعودي حين ألبسته حزاما ناسفا ليقتل نفسه ولم تسترخص غيره من بعض أبناء الدول الأخرى والذين يتولون المناصب القيادية وينعمون بالزواج من السبايا ويغدقون على أنفسهم ملذات الحياة ويكتفون بتوجيه القطعان.
الشاب السعودي عبد الله فهد الرشيد وفي اليوم الذي يستعد الناس فيه لتوديع رمضان واستقبال عيد الفطر المبارك يقتل خاله ثم يسرق سيارته ويلبس حزاما ناسفا ويتوجه للحائر بمدينة الرياض وحين اعترضه رجال الأمن فجر نفسه ليقضي عليها, وبهذه الأعمال الإجرامية ارتكب الكبائر حين قتل ثم سرق ثم فجر فأين الأجر والثواب في مثل هذه الأعمال التي ينهى عن ارتكابها الدين في آيات القرآن الكريم ونصوص السنة !
الرشيد ومثله كثير من الشباب الذين فجروا أنفسهم هم ثمار فاسدة لغرس خبيث تمت زراعته وسقياه خلال سنوات في أرضنا حتى تحولت بيئتنا إلى بيئة جاهزة كي تختطف جماعات الإرهاب شبابنا بكل سهولة.
تقصيرنا أننا تعاملنا مع النتائج وتركنا المتسببين يسرحون ويمرحون ويفسدون ويلوثون لينشروا بين الشباب تعاليمهم المؤطرة بالغلو والتشدد والتطرف عبر مواعظهم وخطبهم وتغريداتهم الرامية لتأصيل الكراهية للآخرين بعد تكفيرهم أو تصنيفهم وشحذ الرغبات للقيام بالعنف ضدهم والحث على قتلهم، ومثل هذه النوعيات تسعى معظم الدول لاستئصالهم أو تحجيمهم لإدراكها لخطورتهم على البنية المجتمعية حتى أنهم باتوا يفرقون بين المرء وأهله.
ما لم نسارع في اجتثاث هذه القنابل الخفية ودعاة الشر وإحلال الدعاة الوسطيين المعتدلين مكانهم فسنظل إلى ما شاء الله نتعامل مع ثمارهم الفاسدة.