عثمان أبوبكر مالي
لا يشكل تعاقد إدارة نادي الاتحاد مع مدرب (مغمور) لتولي مسؤولية الإشراف الفني على الفريق الأول لكرة القدم أي مشكلة للفريق، وقد لا يكون إعاقة له؛ فالفريق لم تكن مشكلته مع بيتوركا أو قبله مشكلة مدرب، ولن تكون مع القادم الجديد بولوني، حتى وإن لم يكن إضافة. مشكلة الفريق القائمة هي (الأدوات) التي يستخدمها ويعتمدها على المستطيل الأخضر، ومنذ سنوات طويلة.
من عام 2009م والاتحاد يغير مدربيه في الموسم أكثر من مرة؛ فله بين كل مدرب ومدرب «مدرب»، ويكفي أنه خلال هذه الفترة التي تبلغ ثماني سنوات دربه ثمانية عشر مدرباً، ولم يغير ذلك من واقعه كثيراً؛ إذ لم يستطع خلالها الفوز بالدوري، ولم يحقق سوى كأسين ذهبيتين؛ لأن تغيير المدربين لم يتضمن تغيير الفكر السائد في الفريق؛ إذ بقي دون تدعيم أدواته أو تغييرها بالقدر الكافي والمطلوب من الدماء الشابة وعناصر الحيوية.
استقطاب سبعة لاعبين (محليين) في الفترة الماضية لضمهم إلى كشوفات الفريق ربما هي خطوة مقصودة في هذا الاتجاه، وإن كان يشوبها الاكتمال وهي لذلك مشوبة أيضاً بالتحفظ؛ لأن جميع من تم استقطابهم من لاعبي الصف الثاني في أندية الوسط أو المؤخرة، وتمت بعيداً عن الرؤية والقرار الفني، لكنها خطوة مقبولة من حيث محاولة دعم الفريق بأسماء ربما تملك الطموح والحيوية والقدرة على التطور، وذلك سيفيد الفريق ما لم يصطدم بالفكر السائد، وتعيقه السيطرة الفردية التي أخرته السنوات الماضية، وحدت من طموح العديد من لاعبيه الشباب القادمين من فرقه السنية، وآخرها تجربة (الهرماس الصغير) الذي كان منطلقاً بقوة قبل أن تخمده عودة السيطرة الفردية التي أخمدت وقمعت وأطفأت توهج العديد منهم، بل قذفت بهم خارج قائمته، وأصبح الفريق كما هو واضح يحتاج إلى الإعداد وإلى أن يبدأ من الصفر، وهي الحالة التي يعيشها منذ السنوات الثماني.
وأعود لأقول: لا يهم أن يكون المدرب (بولوني) ليس عالمياً أو صاحب اسم كبير، وإنما هو مدرب (مغمور)، فمع مثله من الأسماء تحققت من قبل إنجازات كبيرة وتاريخية خالدة في ذاكرة الاتحاديين جميعاً، لكن ذلك كان في وجود (أدوات) فاعلة أداءً وحماساً وحيوية وتضحية وغيرة.. والأهم من ذلك (طموحاً)؟! فهل يملك الفريق في (قائمة إيطاليا) وعناصره التي سيعتمد عليها الموسم القادم ذلك أو شيئاً منه؟ وإذا كان، هل سيُترك المدرب يعمل وينجح في (التوظيف) الصحيح وفق الاحتياج والقدرة والمرحلة أم يبقى النادي الكبير أسيراً لما هو عليه منذ سنوات، و(يدور في حلقة مفرغة)؟!
كلام مشفر
* لم ترتبط إنجازات الفريق الاتحادي خلال تاريخه فنياً بأسماء تدريبية ذات صفة واحدة، بمعنى أنها لم تكن أسماء كبيرة أو مشهورة أو عالمية فقط، وإنما كانت متنوعة، ما بين أسماء كبيرة وذات شهرة عالمية وأسماء مغمورة أيضاً.
* التاريخ يسجِّل له مدربين كباراً قادوه ولم يحققوا إنجازاً معه حتى انتهاء عقودهم، مثل الألماني كرامر، أو حتى إلغاء عقودهم مثل البرازيلي كندينو والكرواتي إيفيتش تومسلاف والفرنسي كريم ميتسو (يرحمه الله) وغيرهم.
* وهناك أسماء كانت مغمورة، لكنها حققت إنجازات تاريخية خالدة، يكفي مثالاً لهم البلجيكي ديمتري. وفي تاريخ الفريق سبق أن حقق بطولة مع مدرب لياقة (البرازيلي بيدرو) وسجلت بطولة آسيا عام 2005 على يد مساعد المدرب (حارس المرمي) الكرواتي دراجان.
* والفارق في الحالات أغلبها إن لم يكن جميعها هو أدوات اللعب التي كانت تعطي داخل المستطيل الأخضر، باستثناء فترة الألماني كرامر الذي كان يملك الأدوات ويحسن التوظيف لكنه لم يوفَّق في إحراز بطولة رغم تفوقه الكبير.
* وسؤال مهم: هل المحترفون غير السعوديين الذين تم التعاقد معهم بقاؤهم نهائي، بحيث يفرضون على المدرب؟ أم أن بالإمكان التغيير وفق رؤيته واختياراته حتى لا يكونوا (شماعة) عند الإخفاق؟!
* والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة للأسماء المحلية، خاصة أن هناك لاعبين تم (التفريط) فيهم قبل حضور المدرب وسط دهشة الكثير من الجماهير، وأسماء تم إبقاؤها وتجديد عقودها المنتهية رغم انتهاء صلاحيتها أيضاً وسط استغراب الكثير من الجماهير الواعية.
* الطموح الذي يحتاج إليه الفريق الاتحادي ليس وقفاً على أدواته وعناصره من اللاعبين، وإنما يحتاج إلى أن يتجاوزهم فيكون في الفريق طموح إداري كبير يتطلع إلى عودة مواسم الإنجازات التاريخية بالفعل.
* ويتجاوز بذلك الطموح المحدود والمقارنة البليدة بعمل إدارة أو إدارات سابقة. ولعل وجود عنصرين من صناع (التاريخ) في العمل الإداري يساهم في رفع الطموح الإداري وتأثيره على اللاعبين، خاصة القادمين الجدد.