ماجد البريكان
رحل الأمير سعود الفيصل مؤسس مدرسة الدبلوماسية الحديثة وبقيت دروسه في السياسة ومآثره في رفع راية المملكة خفاقة في المحافل الدولية ومناصراته لقضايا العروبة.
ترجل الفارس الذي طالما رفع المملكة خفاقة في المحافل الدولية بآرائه الحازمة ممثلاً لصوت المملكة وناقلاً أمينًا لتوجهاتها ومترجمًا صادقًا لسياستها الرصينة التي حافظ عليها في جل القضايا العربية والدولية وحازت على إعجاب الجميع، فباتت المملكة حجر زاوية في المنطقة وملتقى أنظار قادة العالم.
وكان فقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية الأمير سعود الفيصل بأعماله الجليلة وحنكته السياسية الفريدة سندًا للجميع ومرجعًا في الدبلوماسية والسياسة الخارجية، يدرس منهجه للأجيال الجديدة. لقد تحلى الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- طوال مسيرته بالحكمة وسداد الرأي في مواجهة التحديات والأزمات التي تصدى لها بحنكته، وأعطى منصب وزير الخارجية زخمًا وطابعًا مميزًا، وأسهم -رحمه الله- بفعالية في تحقيق رؤى المملكة في مختلف المراحل والعهود.
برحيل الأمير سعود الفيصل، خسر العالم العربي والإسلامي واحد من حكماء ورجال السياسة الذي نافح عن قضايا أمتنا العربية وأُمتنا الإسلامية، بصوت قوي في المنابر الدولية، إِذ يعد علمًا من أعلام الدبلوماسية الفذة والراقية، أمضى حياته في خدمة بلاده وقضايا أمته الإسلامية والعربية، وترك بصمات لا تمحى في ساحات الدبلوماسية الإقليمية والدولية.
الدبلوماسية الرزينة هي العنوان الأبرز للفقيد الأمير سعود الفيصل، وهو الرجل والفارس الذي وهب كل حياته وأفنى عمره في خدمة وطنه وأمته، وسخر كل خبراته لتقوية الصف العربي والإسلامي والحفاظ على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة.
وخليجيًا، كان -رحمه الله- أبرز المؤثرين في السياسة الخارجية لدول الخليج بل والعالم العربي، ومعه انطلق مجلس التعاون الخليجي قبل أكثر من ثلاثين عامًا وأصبح أحد مرتكزات السياسة الدولية، وساهم بجهوده في إنجاح التكتل الإقليمي الخليجي المؤثر في صناعة القرار الخليجي.
طوال أربعين عامًا، خاطب الفقيد العالم بروية وتعقل ظل العالم يحسده عليه، وكانت قرارات ورؤى المملكة رصينة ومدروسة بتأنٍ، بعيدًا عن الارتجالية والغوغائية، وباتت سياسات المملكة الخارجية مثالاً ومدرسة في عالم الدبلوماسية والسياسة.
أمير الدبلوماسية العربية، الذي أسس للتضامن العربي بمعناه الواسع، ورسم سياسة المملكة الخارجية، بكل اقتدار وفق رؤية تهدف إلى وحدة الصف العربي، وترميم ما يشوبه من خلافات، والمساعدة على تجاوز المشكلات التي تعيشها بعض البلاد وتقريب الوجهات بين الفرقاء وتأكيد معنى التضامن العربي.
رحل الفارس صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل تاركًا خلفه سيرة شخصية فذة وشامخة وإرثًا تاريخيًا دبلوماسيًا ثمينًا في العمل الدبلوماسي على المستويين العربي والعالمي، وهو من عاصر عددًا كبيرًا من زعماء العالم من الملوك والأمراء، وكان صاحب نظر سياسي ثاقب قاد مواقف ورسائل المملكة بكل اقتدار في المحافل الدولية.
قدم الأمير سعود الفيصل الكثير والكثير لوطنه وحمل لواء الساسة الخارجية للمملكة طوال أربعة عقود وأجبر العالم أجمع على الإنصات لصوت المملكة وحكمتها في مختلف المحافل الدولية فكان خير ممثل للمملكة وسياستها.
كان الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- بحق واحدًا من رجالات العالم الإسلامي المخلصين الذين كرّسوا حياتهم لخدمة قضاياه العادلة والمصيرية، وكان جل وقته مصروفًا لذلك، وحاز على إجماع الأمة، وتربع على عرش وزارته لأربعة عقود عمل بكل جدية وحزم حاملاً هم وطنه وأمته.
الحديث عن سعود الفيصل الوزير ربما يطول ولا يفوقه سوى مجلدات لحصر مناقب الأمير الغيور على وطنه والأمين على سياساته الخارجية، ويبقى كل الممكن عزاء ومواساة للمملكة قيادة وشعبًا وخالص الدعاء أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته.