تركي إبراهيم الماضي
لو أن نملة داست على قدم فيل، فأوجعته، في بلاد الواق الواق، فإن ردة فعل وسائل الإعلام في دول العالم ستختلف، وأيضا تعاطيها مع هذا الحدث.
دولة (أ) التي تستخدم حقوق الحيوان كوسيلة مؤثرة في سياستها الخارجية، سترى في هذا الحدث فرصة سانحة، للضغط على حكومة بلاد الواق الواق، لتحقيق مكاسب بفاتورة مؤجلة.
دولة (ب) تتخذ موقفا مضادا لدولة (أ) باعتبار أن هذه الأخيرة دولة امبريالية، ولديها سجل مخز بما يتعلق بحقوق الحيوان. لكن الحقيقة أيضا، أن دولة (ب) تتحرك أيضا بدافع مصلحي، لا علاقة لحقوق الحيوان به، لا من قريب أو بعيد!
دول أخرى سترى في الحدث جانبا ساخرا، لأن ما يحدث في بلاد الواق واق لا ينتمي إلى العصر الحديث، وهو ما يعكس تأخرها وتخلفها باللحاق بركب الحضارة المتطورة التي تعيشها هذه الدول!
بلاد الواق الواق لن يفيدها لو أقسمت أن الحادثة فردية، وأن النملة كانت مخمورة لحظة اعتدائها على الفيل. كل ما تفعله لن يجد آذانا صاغية.
أما لو كان الحدث وقع في دولة (أ) أو (ب) أو في إحدى الدول المؤثرة في المجتمع الدولي، فإن الحادثة ستكون حادثة عنف فردية، ولا يمكن لوم ثقافة المجتمع أو طبيعة النظام السياسي أو سيادة القانون في هذا البلد، لأن مثل هذه الحوادث الفردية، تتكرر في جميع بلدان العالم !
ما تفعله وسائل الاعلام المؤثرة في كل مكان، وبلا استثناء، هو تنفيذ أجندة، سواء كانت تابعة لدول – وهو الغالب – أو لجماعات أو أفراد، فجميعها لديها أجندة. وتعاطيها مع الأحداث اليومية هو ضمن هذا الإطار.
ومن يقول إن هذه القناة أو تلك موضوعية، فهو يدافع عنها من باب الهوى، لأن القنوات المستقلة لا تستطيع أن تستمر – دعك عن التأثير – في قطاع إعلامي تنافسي، خلفه مال لا ينقطع، سواء مال مباشر أو إعلانات.
ولأن الصورة هي أهم محتوى تبثه وسائل الإعلام، فإن اتساع مدى الصورة أو انكماشها، أو من جانب آخر، تعريتها، أو إضافة مؤثرات عليها، هو فن بحد ذاته، تمارس فيه وسائل الاعلام تطبيق اجندتها في توجيه الرأي العام، في كيفية التعاطي مع هذه الصورة، وتقبل نتيجتها النهائية، بالطريقة التي تراها الوسيلة الإعلامية مناسبة لتوجهها، ومعبرة عن موقفها، بغض النظر عن أخلاقية الموقف أو عدمه!