قريبا من منزلنا، ينفذ مشروع بناء جسر على دوار التقاطع للشارع الرئيسي للحي. مرت سنتان حتى لحظة كتابة هذه السطور، ومشروع بناء الجسر يتم تنفيذه ببطء قاتل. يستغرق مني الوصول إلى المنزل ربع ساعة بسبب التحويلات العشوائية.
في الحي أيضا، مدرسة حكومية انتهى تنفيذها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم يتم افتتاحها رغم حاجة الحي الماسة لهذه المدرسة. كل يوم أمر بجانبها وتصافحني لوحة مقاول المشروع، المعلقة على الباب الرئيسي للمدرسة، كأنها تسخر من المارة وتمد لسانها الطويل!
قبل عامين تم تنفيذ شبكة التصريف الصحي في الحي. ظللنا مدة عام كامل في مشقة يومية لتفادي السقوط في الحفر العميقة. كنت أوقف سيارتي في مكان بعيد عن المنزل ثم أمسك الأطفال بيدي للمرور على جسر حديدي مهترئ خشية السقوط، ثم أعود مرة أخرى للسيارة لأحمل أغراض المنزل، بعد أن قارب المشروع على الانتهاء تم دفن الحفرة إلا قليلا منها. ظلت على هذه الحال عدة شهور. ذات صباح قابلت المشرف على عمال الشركة صرخت به: (لماذا لا تدفنون الحفرة نهائيا؟) أجابني ببراءة: أوامر البلدية تحتم علينا ألا ندفن «ونزفلت» الحفرة إلا بحضور مندوب من قبلهم.. ونحن في انتظارهم؟
لا يهم إن تعطلت حياة البشر بسبب أخطاء بشرية أو نظام عمل غير قابل للتطور أو هو نظام عمل بحاجة لمن يقوده لا أن يتفرج على المشهد الساخر على أمل أن تحل المشاكل بنفسها.
لا يزال عالق في ذاكرتي مشهد خروجي ذات صباح في مدينة أميركية صغيرة للحاق بالباص. في الجهة المقابلة لمحطة الباص كانت معدات ثقيلة تحفر حفرة كبيرة، لمعالجة انكسار أنبوب المياه. ظننت أنني سأتعطل بسبب هذه الحفرة، لأنني سأضطر في طريق عودتي أن أتوقف في المحطة التالية للباص بسبب أعمال الحفريات. كنت أتخيل أن هذه الحفرة ستظل على حالها أياما قادمة، لكن في نهاية اليوم، عدت بالباص وإذ بالحفرة اختفت، كيف حدث ذلك، لا أعرف؟
هل تجوز المقارنة هنا؟
البشر هنا أو هناك أوقاتهم ثمينة، وأيضا الجهات الحكومية هنا أو هناك تسعى كل بجهده في توفير الوقت والجهد على السكان، أتحدث هنا عن النية من حيث إنها مبدأ كل عمل، لكن الاختلاف في العقلية التي تدير هذه النية؟