د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
قسمة الكلم الثلاثية إلى اسم وفعل وحرف هي القسمة القدمى التي وردت في كتاب سيبويه وأطبق عليها جمهور النحويين حتى نظمها ابن مالك في ألفيته المشهورة، وجاء المحدثون من علماء اللغة المتأثرين بالعلوم الغربية فأخذوا على النحو العربي، في ما أخذوا، هذه القسمة الثلاثية؛ بل منهم من جعل منها دليلاً على أنّ النحو العربي كله دخيل على العربية ولم ينشأ في بيئتها العلمية؛ ومن أجل ذلك وجدناهم يقترحون تقسيمًا جديدًا مستفادًا من تقسيم الكلم في اللغات الأوربية، ولكنهم اختلفوا في عدة أقسام الكلم، وكان أوسع عمل في هذا ما كتبه فاضل مصطفى الساقي بإشراف من تمام حسان عن (أقسام الكلام العربي من حيث الشكل والوظيفة).
والناظر في النحو العربي يلاحظ جليًّا أنه زاخر بمصطلحات معبرة عن أقسام أخرى للكلم لم يرد لها ذكر في القسمة الموجزة الأولى؛ لأن هذه الأقسام فرعيّة على القسمة الأولى، فالاسم يتفرع عنه جملة من الأسماء، فثم اسم الفعل، والمصدر، واسم المصدر، والمصدر الصريح والمصدر المؤول، والمصدر الميمي، والمصدر الصناعي، واسم الإشارة، واسم الاستفهام، واسم الشرط، والاسم الموصول، واسم الجنس، واسم الجنس الإفرادي، واسم الجنس الجمعي، واسم الجمع، والعلم ومنه منقول ومنه مرتجل، والوصف، والضمير، واسم الزمان واسم المكان، واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة باسم الفاعل، وصيغة المبالغة، واسم التفضيل، واسم الآلة، ومن اسم الآلة ما هو جامد وما هو مشتق، والفعل متفرع إلى ماض ومضارع وأمر ومبني للفاعل ومبني للمفعول ولازم ومتعد، والحرف متعدد منها حرف جر، وحرف نصب، وحرف جزم، وحرف استفهام، وحرف شرط، وحرف نفي، وحرف توكيد، وحرف زائد، وحرف كفّ، وحرف عطف، وتتقسم الحروف وتتفرع بحسب استعمالاتها، وفي النهاية نجد أنفسنا أمام شجرة أصلها الكلم وفروعها ثلاثة ثم تتفرع من تلك الفروع الثلاثة فروع أخرى بحسب ما سردته أعلاه من تلك التقسيمات تمثيلاً لا حصرًا.
ومن هنا يمكن وصف طريقة القدماء بالشجرية وطريقة المحدثين بالخطية، والطريقة الشجرية أفضل وأكثر مرونة، ولفت الانتباه إلى هذه القسمة الشجرية ما سمعته من أ.د. حسن حمزة من جامعة ليون الفرنسية أثناء إلقائه بحثه (الخلاف النحوي ووحدة النظرية العربية) الذي شارك به في مؤتمر (تقاليد الاختلاف في الثقافة العربية-كلية الآداب-جامعة الكويت-30مارس/ابريل 2002م). وتحدث فيه عن القسمة الثلاثية ومحاولات الزيادة عليها، وذكر أن القسمة الثلاثية موضع اتفاق النحويين؛ إذ لم يعترض عليها مَن يعتدّ برأيه، حسب تعبير ابن هشام، وقال «وفي هذا الأمر ما فيه من الدلالة على وحدة الأصول في النظرية النحوية العربية. أما قسمة عضد الدين الإيجي للكلام إلى تسعة أقسام فلا تخرج في حقيقتها عن القسمة الثلاثية؛ لأن الفعل والحرف فيها باقيان على حالهما، والأقسام الأخرى إنما هي تصنيف داخلي للاسم»(ص77، كتاب مؤتمر تقاليد الاختلاف).
ولعل ما سمعته من قوله عن القسمة الشجرية هو تفصيل لما أثبت في النص السابق الذي جاء في كتاب المؤتمر.