د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
تعودت أن أدخل الغاط في طريقي إلى أم حزم في طريقي إلى بلدي المذنب، ولكني لا أعرف شيئًا يذكر عن الغاط نفسها حتى سمعت برحلة نظمتها رحلات هيا فانتهزت الفرصة لنشارك أنا وابني بدر فيها، وأما مكتب رحلات هيا فمؤسسة تديرها الأستاذة القديرة سلوى القنيبط، وهي أيضًا الدليل السياحي المرافق، تتحدث بالعربية والإنجليزية، وينظم هذا المكتب رحلات داخلية وأخرى خارجية.
أخذتنا الحافلة من الرياض في طريق القصيم السريع حتى تجاوزنا المجمعة وهبطنا الطريق الفرعي المنحدر إلى واد حيث تمتد بلدة الغاط. رددت دليلنا علينا غير مرة سبب تسمية الغاط، وهو نص ما ذكر في المطوية التي وزعتها علينا وهي نسختان عربية وإنجليزية، يقول النص «أخذ الاسم من لغط السيل، وهو ضجيجه واحتدامه، لأن واديه منساب بين جبال شواهق..فإذا جاءها الغيث اندفع سيلها محتدمًا مزمجرًا لاغطًا...؛ وفي المعجم الوسيط: الغاط الجماعة؛ والمنخفض الواسع من الأرض» (محافظة الغاط، محمد بن أحمد الراشد، الرياض، 1426هـ - 2005م، ص21). ولما لم أكن موافقًا على تفسير معنى الغاط بربطه باللّغط بينت هذا لدليلنا، بل حاولت بلغتي الإنجليزية المتواضعة أن أبين ذلك لمن معنا من غير العرب، إذ لو كان الاسم من اللغط لسمع لفظ البلد بتشديد اللام (اللّغاط)، وصحيح أن لغطًا تجمع على ألغاط، ولكن لو كان اسما للبلد لكان الغالب أن يعرف فيقال الألغاط، والظاهر عندي أنه مأخوذ من كثرة السيول، جاء في تهذيب اللغة «وماءٌ غاطٍ: كثيرٌ».
كان من المواقع التي زرناها مركز الرحمانية الثقافي وفيه محاضرات وندوات وجهز بمكان للباحثين وزود بمكتبة للرجال وأخرى للنساء، وثمة مسجد تحيط به حديقة عامة، وزرنا البلدة التراثية القديمة ولفت انتباه من كان معي إلى فائدة أبنية الطين، فهي ذات عزل حراري طبيعي، وشرحت لهم أهمية تلاصق البيوت لتماسكها، وعلة ضيق الشوارع فهي تحول دون بقاء أشعة الشمس مدة طويلة، ومما يمكن أن يزار هناك مسجد العوشزة أي العوسجة، وبئر الحطيأة، وأما متحف الغاط فهو في أصله قصر الأمير ناصر بن سعد السديري وهو مؤلف من طابقين، ولكن هذا المتحف بسبب ضيق غرفه غير ملائم في نظري ولابد من بناء متحف كبير، ولم أجد من المعروضات ما يعطي صورة كافية عن الحياة القديمة، ويحتاج الزائر إلى أكثر من ملصقات يسيرة بأسماء الأشياء، هو يحتاج إلى شرح واف يبين وظائف الأشياء وكيفيات استعمالها، وأمر هذا ميسور في عصرنا هذا، فالأفلام الوثائقية أو الأفلام التي تشرح طرائق الاستعمال إما موجودة أو يمكن أن تنجز وتكون جاهزة للعرض إلى جوار المعروضات، ووجدت أن بعض النماذج المعروضة كانت متهالكة مثل (الكر) فالنموذج المعروض هو كر بال يمكن أن يعد من الآثار ولكنه ليس من محتويات متحف يراد له أن يبين حالة تاريخية سابقة. ومهما يكن من أمر فإن الغاط جدير بالزيارة، كما أنّ كل أجزاء بلادنا الحبيبة جديرة بالزيارة.
** ** **
تنويه: لخطأ طباعي في عنوان هذه الزاوية الأسبوع الماضي تحولت همزة الأعلام إلى الإعلام.. لذا جرى التنويه.