موضي الزهراني
بداية أهنئ نفسي والجميع بأن الله متعنا بالصحة والعافية، وبلغنا صيام شهر رمضان المبارك، شهر الخير والبركات، وأسأل الله العلي القدير أن يجعلنا جميعاً من المقبولين برحمته وعفوه ورضاه، وأن يكون الجميع في أحسن حال، وأن ينصر جنودنا على الحد الجنوبي، والشمالي، وأن تنصر وتوفق كل مُجاهد من موقعه لخدمة الإسلام والمسلمين، ولخدمة وطنه مهما كانت الخدمة بسيطة، لكنها تساعد المحتاج، وتُعين المضطر، وتُساند الفقير والمحتاج. لأنه في هذا الشهر الكريم بروحانيته العميقة، وأجوائه الفضيلة تتبدل النفس البشرية حتى تقف عند أفضل مستوياتها ألا وهي «مستوى النفس المطمئنة» ذلك المستوى البعيد عن السوء بأنواعه مهما كان صغيراً، لكنه بلاشك سيكون أليماً بحق المقربين من تلك النفس التي انشغلت طوال العام بأذية من حولها وخاصة أهلها! وسأبدأ من أهم مؤسسة في المجتمع وهي الأسرة، فهي أهم مؤسسة لإنتاج النفس البشرية السوية، وأيضا غير السوية، وذلك تبعاً لقادة تلك الأسرة وهما «الأبوان» لمسئوليتهما العظيمة تجاه نشأة تلك النفوس البشرية التي قد تبني أو تهدم ما حولها. فالتوجيه الكريم الذي ينص على (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) توجيه نبوي على أهمية العلاقة الأسرية المبنية على التعامل الإنساني الذي يشمل الحب والتفاهم والاحترام والمودة بين أفرادها. وعندما ينطلق هذا التوجيه من أعظم شخصية، وأهم قدوة في حياتنا كمسلمين، لمؤشر عظيم على قيمة العلاقة الوالدية الآمنة لأهل البيت، ولمؤشر أعمق على أهمية تماسك واستقرار الأسرة لأنّ مكانتها عظيمة ودورها أعظم في ترابط وتماسك المجتمع عامة. وفي هذا الشهر الكريم بخصائصه العظيمة وتأثيرها على مسار برنامجنا اليومي، وعلى اهتماماتنا وتعاملاتنا، فإنه من المتوقع أن تنتشر روح التسامح الأسري انطلاقاً من توجيهات نبينا الكريم عامة تجاه المحافظة على الأسرة والتعامل ما بين أفرادها تعاملاً منبعه روح ديننا الحنيف القائم على المحبة والألفة والرحمة، ثم انطلاقاً من فضائل هذا الشهر وميزة الصيام فيه والتي تعالج النفس البشرية من جميع شرورها ومساوئها، وتوثق علاقتها بخالقها أكثر من الشهور الماضية! فالكل يجاهد في هذا الشهر لكسب مزيداً من الحسنات من خلال الأعمال الصالحة التي يقوم بها من صدقة، وزكاة، وأداء للعمرة، والقيام بالأعمال التطوعية والخيرية، ولكنه قد ينسى أقرب الناس إليه وأكثرهم حاجة له ألا وهم «أله»! فالبلاغات التي أخذت في الازدياد في السنوات الأخيرة بسبب العنف الأسري من أقرب الناس لها، لمؤشر خطير على استقرار المجتمع بأكمله، وليس الأسرة فقط، وذلك بسبب سيطرة النفس الأمّارة بالسوء على الكثير من البيوت وعدم رحمتها لبعضها البعض، فالأعمال معلقة ولن تقبل عند خالقها مادامت هناك نفوس تُعذب نفوساً أخرى لا حول لها ولا قوة! فكيف بمن يعذبون أقرب الناس لهم؟! آملة أن تنتشر روح التسامح الأسري في جميع البيوت.