الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
فقدنا وفقد الوطن صاحب السمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود أمير منطقة الحدود الشمالية -رحمه الله.
هذه الدنيا ولا رادِ لقضاء الله، لكن المشاعر والحزن يختلف من فقيد إلى فقيد. والدنا وأميرنا نحن أهالي منطقة الحدود الشمالية عرفناه ونحن صغار، وجالسناه وهو كبير بقدره - لطيفًا في تعامله حكيمًا في حكمه -، مكتبه مفتوح بلا مواعيد وحجوزات يستقبل الجميع، التاجر والفقير والصغير والكبير، يوزع أعماله بانتظام، مواعيده دقيقة، في مجلسه يطيب لك الحديث، يُعامل كل حسب فهمه، يسمع للجميع.
عشتُ خلال اثنين وثلاثين عامًا قريبًا من سموه كمسؤول في القطاع الحكومي في البلديات ورئيس لبلديتين في المنطقة، ولا شك أن البلديات تعنى بخدمة المواطن والمنطقة ولا بد أن يحصل التقصير فكان سموه الموجه بالنصح لنا بأدب، المتجاوز عن الخطأ غير المقصود، فعلمني حسن الإدارة وكان حليمًا عند الغضب متجاوزًا للمعتذر مدركًا حازمًا بالتوجيه.
وعملت بعدها 16 عامًا كرئيس للغرفة التجارية بالمنطقة ولا شك أن عمل القطاع الخاص يكون مختلفا عن القطاع العام، فكنت متحمسًا لتمثيل هذا القطاع بالمطالب ورفع مطالبهم والاعتراض على بعض القرارات من الجهات الحكومية التي يعانى منها القطاع الخاص فكنت بصفة مستمرة ممثلاً لرجال الأعمال بتحقيق ما يعانونه من مشكلات. وكان يتقبل منى ذلك بصدر رحب وأخرج منه برضاء لو لم يتحقق ذلك ولم يجرحني بكلمة رغم إلحاحي وكثرة مطالبتي. فالأمير عبدالله غفر الله له مدرسة للحكمة والصبر وبعد النظر والتأني في اتخاذ القرار إلا ما قد يفسر له غير ذلك. وعندما تكشف الحقيقة له يعالج الأمر بالحكمة والعدل. فهناك مواقف عديدة لي مع سموه كان خلالها الأب الحكيم يقدر المشاعر ويميز صاحب الحق من غيره فلا يستمع للوشاة ولو هم أقرب المسؤولين لديه فإذا كثر اللغط في مسألة أحالها للقضاء وقال: أنا منها براء.
كنت أتمنى أن أحقق أمنيته في حياته أن يرى في عرعر فندق درجة أولى الذي كان -رحمه الله- حريصًا على سرعة إنجازه ومتابعًا لي حتى وهو في رحلة علاجه ولكن إرادة الله فوق كل شيء.
رحمك الله يا أبا خالد، داعين الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك ويدخلك فسيح جناته، الكل يعزينا بك، حتى أبنائك الكرام نعزيهم ويردون علينا بالعزاء لكم، نعم هذه الحقيقة فهو والد للجميع وأبناؤه إخوة لنا عشنا معهم في الطفولة فأحسن تربيتهم على التواضع وآداب المعاملة، داعين الله سبحانه وتعالى أن يجمع شملهم ويوفقهم. وعزاؤنا أن ذكراه موجودة في كل مدينة من مدن الحدود الشمالية كالمساجد وأعمال الخير ومحبة أهل الشمال له. غفر الله له وتجاوز عنه اللهم آمين.
ثاني بطي العنزى - رجل الأعمال ورئيس الغرفة التجارية سابقًا - عضو مجلس المنطقة سابقًا - رئيس لجنه العمل الخيري