يوسف بن محمد العتيق
أحسن الشيخ عبد الله بن عبد المحسن الماضي «أبو عبد المحسن» بكتابة ونشر مذكراته «ذاكرة من الزمن»، والتي هي محل اهتمام الوراق لهذا اليوم، فقد أثار الكتاب مجموعة من الأسئلة حول موضوعات متعددة من تاريخنا المحلي، ومنها توثيق للمطالبات بإنشاء بعض الدوائر الحكومية والخدمية في إقليم سدير مسقط رأس أسرة آل ماضي، وأبو عبد المحسن أحد أبرز أبنائها، وأبو عبد المحسن نفسه كان مميزاً متحمساً في هذه المطالب، يسانده في ذلك العلمان الراحلان الشيخ عبد العزيز التويجري والشيخ عثمان الصالح -رحمهما الله- وغيرهما من أبناء سدير.
قد نتفق مع أبو عبد المحسن في بعض ما كتبه في كتابه وما أجاب به على أسئلتنا في هذا العدد، ومؤكد أننا سنختلف معه في بعض الجوانب، وهذا جانب لا يحتاج إلى مناقشة، إلا أننا نشكر لابن ماضي أنه علق الجرس وكتب مذكراته، وهذا ما نحتاجه في توثيق تاريخ الوطن من كل الأبواب ومن كل من كان شاهداً على جانب وطني نخشى أن يختفي مع مرور الأيام.
إلا أن شكر ابن ماضي وغيره على كتابة مذكراتهم لا يعفيهم من مناقشتنا لهم في ما كتبوا، وتسليط الضوء على هذه المذكرات كونها انتقلت من الحق الخاص إلى الحق العام، فمثل هذه الكتب تعد وثيقة وطنية يحتاج إليها الكثير من الدارسين، وبخاصة إذا تذكرنا أننا في هذا الوطن الغالي نعاني من شح في كتابة المذكرات الخاصة من قبل الشخصيات العامة في المجالات كافة قياساً بدول عربية أخرى، ولا أقول الغرب، فالغرب يندر أن تجد شخصية عامة لديهم إلا وكتبت مذكراتها أو سمحت لأحد المختصين بالكتابة عنهم.
إذن نحن إمام واجب وطني، فالشاب في هذا الوطن يحتاج أن تكون قدوته في مجاله وتخصصه شخصية وطنية، وهذا ما يندر أن يجده.
مع أننا نحتفظ في ذاكرتنا لشخصيات وطنية برزت في مجال السياسة والاقتصاد والإدارة والعسكرية........إلخ.. لكن الكثير من هؤلاء فارقوا الحياة، وهم لم يسجلوا تجاربهم.
نتفهم أن هناك موانع من المهم مراعاتها في أكثر من جانب، فهناك من يكره الحديث عن نفسه، وهناك من لديه خلافات أسرية تمنعه من الصراحة، وهناك من طبيعة عمله من تحتم عليه عدم البوح بما لديه. ومع هذا وذاك، فهناك نافذة يستطيع هؤلاء المتحججون أن ينفذوا من خلالها لتوثيق مسيرتهم ليبقى ذكرهم حياً، ولا يحرموا دعوات الناس.