يوسف بن محمد العتيق
في غير موقف يأتي صحابي إلى نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام طالبًا منه الدعاء على مخالفي الرسالة وأقوام وقبائل لم تستجب للدعوة النبوية الكريمة، فما كان موقف الرسول المبعوث رحمة للعالمين إلا يدعو لهذه القبيلة أو تلك بالهداية.
وفي نصوص تاريخية فوق الحصر كان تعامل المسلمين الأوائل مع الآخرين من أصحاب الديانات كان راقيًا ومهذبًا وسببًا في دخولهم للإسلام أو أخذ انطباع طيب عنه، ولم ينقطع هذا المنهج السلوكي مع غير المسلمين في أماكن عامة، فكلنا يستحضر أن كثيرًا من مسلمي شرق آسيا كان دخولهم في الإسلام بسبب التعامل الراقي للتجار الحضارم، وليس غريبًا أن نجد بعض مسيحي لبنان يسمي ابنه محمد تقديرًا لنبينا الكريم.
والشواهد التاريخية في هذا المجال بالعشرات والمئات وأكثر، فالأمر ليس غريبًا ولا مستغربًا.
لكن الغريب والمستغرب ما نجده الآن من هذه المعارك الطائفية بين أبناء المسلمين في العراق وسوريا ولبنان في مشهد مستنكر ويؤذن بمستقبل مرعب إن لم يتدارك الوضع أهل العقول من كافة الشرائح.
كل من يفرح بنقد الآخر أو شتمه أو العراك معه يجد من سبقه للدخول في متاهات نقد الآخر سيجد أنها تبدأ بكلمة ثم يتدرج الأمر إلى معارك وتصنيف ويتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، وبعد هذا كله يناقش الطرفان كيفية احتواء الأمر والرجوع إلى العقل (وقد يكون قطار العقل فات، والكل استقر في محطة الدم)!!
لذا على كل عاقل وكل من يرجع الناس إلى قوله أن يستفيد من تجارب السابقين في هذا المجال بأن يكون الحوار والتعايش هو الفيصل وإن لم يكن اتفاقًا.
في تراثنا العريق كان التنوع الفكري في كثير من الأحيان مثريًا للحوار ومعددًا لوجهات النظر لا سببًا في القتال وسفك الدماء.