د. عبدالواحد الحميد
خطوة جيدة تلك التي بدأتها وزارة التجارة والصناعة حين أصدرت قراراً يمنع الإعلان عن الحد الأدنى لأسعار السلع دون توضيح حدها الأعلى لأن هذه الإعلانات أصبحت مصيدة لتوريط الناس، فبعض التجار يعلنون عن سلعهم باستخدام عبارة «الأسعار تبدأ من ...»، ويحددون سعراً مغرياً بهدف جذب الزبائن، ولكن عندما يذهب الزبون إلى المتجر يتفاجأ بأن السعر المذكور في الإعلان لا ينطبق على السلعة المعلن عنها!
هذا النوع من الإعلانات هو مصيدة لجذب المشترين الذين يتجشمون عناء البحث عن السلعة وقد يذهبون إلى محلات البيع ثم يتفاجؤون بعدم دقة الإعلان! وفي أحيان كثيرة يضطر الزبون إلى الشراء بسعر أعلى مما يكون قد وضعه في ميزانيته وذلك أمام الضغط الأسري أو بسبب الإغراء الذي قد يقع فيه حين يذهب إلى المحل التجاري.
من حق التاجر أن يحدد السعر الذي يحقق له الربح، ولكن ليس من حقه استدراج الزبون إلى الشراء بتمرير معلومات غير دقيقة عن السعر أو عن مواصفات السلعة. وقد تحولت أسواقنا إلى غابة يتم فيها افتراس المشتري بدءاً من خداعه ببيع سلع مقلدة على أنها أصلية أو بالتفاوت في السعر الذي يطلبه البائع من مشتري إلى آخر بحسب المهارة التفاوضية للمشتري.
نحن نفهم مقولة «السوق حر» بشكل خاطئ. فالحرية لا تعني استغفال المشتري بحجة أن المشتري حر في أن يشتري أو لا يشتري، ولا تعني أن يحتكر البائع المتاجرة في سلعة معينة ويتجبر على المشترين ثم يقول إن السوق حر وأنَّ لا أحد يجبر الزبون على الشراء.
صحيح أن المنافسة في السوق، من الناحية النظرية، تُنصف البائع والمشتري؛ ولكن من الناحية الفعلية قد يستغرق ذلك بعض الوقت يتم خلاله استغلال الطرف القوي للطرف الضعيف بل ربما قد لا يتحقق ذلك الإنصاف على الإطلاق حين تكون «المنافسة» مجرد شعار يتم اختراقه مِمَّن يملكون القوة والنفوذ في السوق.
وقد أدركت ذلك البلدان الرأسمالية نفسها، فسنت القوانين التي تقود إلى المنافسة وتمنع تضليل المشتري. وربما تكون بعض القوانين في الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر شراسة من مثيلاتها في بعض البلدان التي تحكمها أحزاب مناوئة في أدبياتها للرأسمالية!
هذه الخطوة الجيدة التي بدأتها وزارة التجارة والصناعة تحت شعار «حدِّد سعرك» تُضاف إلى خطواتها الناجحة لإنصاف المستهلكين وتنظيم السوق بما يحقق المنفعة للطرفين: البائع والمشتري، فشكراً للوزارة على جهودها.