د. عبد الله عبيد الحافي ">
اليمن الدولة واليمن الشعب واليمن التاريخ والحضارة يجب ألا يكون فيه مكان لقتلة اليمنيين، من باعوا أنفسهم للصهيونية العالمية التي تمثل حكومة طهران أحد أهم أذرعتها وأدواتها في هذا العصر. لم يصدق الحوثي وأتباعه قط ولو مرة واحدة، ولم يفِ ولو بمسألة واحدة تم التوقيع عليها من قبله في أكثر من ستين اتفاقاً أبرمها مع الدولة اليمنية التي تمثل الوطن والشعب اليمني، مما يدل دلالة واضحة على أن مؤتمر جنيف ما هو إلا حبل إنقاذ تمده قوى الشر المتحكمة والمهيمنة على ما يعرف بمجلس الأمن الدولي أحد أهم مؤسسات الأمم المتحدة، فجنيف فقط لخلط الأوراق وشرعنة جرائم إيران والحوثيين، وإذا كانت الأمم المتحدة صادقة في رغبتها في إنقاذ اليمن فلماذا تدعوا إلى جنيف بينما الحوثي وأتباعه لم ينفذوا قرار مجلس الأمن 2216 القاضي بانسحابه من المدن وتسليم السلاح وأدوات القوة للدولة اليمنية.
ما هو الجديد الذي سيحصل عليه الشعب اليمني!!
إن مؤتمر جنيف ما هو إلا محاولة مقننة للالتفاف على قرار مجلس الأمن 2216 المتقدم الذي يمثل ضربة موجعة لإيران واتباعها في المنطقة العربية قاطبة، إن حل المسألة اليمنية الراهنة لا يكون إلا بالحزم وبالاستجابة الكاملة من قبل أعداء الشعب اليمني الذي يمثلهم الحوثي والمخلوع صالح لقرار الأمم المتحدة 2216، وإلا فإنَّ اليمن ستدخل بحالة مشابهة للسيناريو اللبناني حيث تبقى البلاد في حالة شلل تام وفرقة وتقاتل وعوز اقتصادي وتفكك اجتماعي، وهذا هو الذي تريده طهران والصهيونية العالمية التي تمتطي هؤلاء الأشقياء، لكن هذا لن يكون أبداً - بإذن الله - إنه من الخطأ البين أن يتوهم قطاع الطرق ممن لا يشكلون نسبة 7 في المئة من سكان صعدة فقط - أن يتوهموا - أنهم قوة إقليمية وأصحاب مشروع سياسي، بينما هم أول من يعرف أنهم دمى ساقطة تعبث بها أيدي ملالي طهران الذين هم الآخرون دمى تعبث بها أيدي الصهيونية العالمية.. إن استنساخ ما يعرف بحزب الله اللبناني في بلاد اليمن لا يمكن أن ينجح أبداً فالإقليم والشعب والتاريخ في اليمن يجعل هذا المشروع ضربا من المستحيل الذي لم ولن يتحقق - إن شاء الله -، فبلد الإيمان والحكمة لا مكان فيها لأهل الجهل والفتنة، وعلى الشعب اليمني أن يحزم أمره ويرص صفوفه خلف قيادته الشرعية ويستعين - بعد الله تعالى - بأشقائه وإخوانه من العرب والمسلمين الذي يقومون بذلك فعلاً، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله وأيدهم بنصره -، فيجب أن نخاطب الحوثي وعصابات طهران باللغة التي لا يفهمون سواها وهي لغة الحزم حتى تحسم فتنتهم وينقلبوا على أعقابهم خائبين، وإن الشعب اليمني قادر - بعون الله - على تحقيق هذا الإنجاز في أيَّام قليلة متى ما تحرر من قيود اللعبة السياسية الخبيثة التي تسعى لترويجها القوى المعادية للعرب والمسلمين، وفي مقدمتهم حكومة طهران.
إن وقوع أمثال حافظ الأسد وابنه بشار والشاطر حسن في أحضان المشروع الصهيو إيراني ليس بمستغرب، لانَّ هؤلاء ليسوا من العرب بل هم من أصول أولئك القوم نسباً وفكراً، لذلك عندما امتلكوا أدوات القوة والسلطة أحرقوا ما تحت أيديهم من البلاد والعباد وفي هذا درس للأمة في ألا يلي أمورها من ليسوا منها ولا على دينها وملتها، لكن الحوثي وقع في الأسر الصهيو إيراني مع كونه عربياً ويمنياً لا شكَّ في ذلك، بسبب تطلعه للزعامة والسلطة التي أوهمته بها نفسه المريضة، فما قيمة السلطة بعد ما قامت به مليشياته من مجازر وحشية في مختلف الأراضي اليمنية، ان يكن للحوثي سلف في بلاد اليمن فهم الصليحيون الذين هتكوا الحرمات وقتلوا المصلين وهدموا المساجد، فالحوثية اليوم تعلن أنها فرقة باطنية ملحدة تسير على خطى القرامطة والحشاشين وأصحاب الزنج ونحوهم، فقتالهم واستئصال شأفتهم واجب على كل يمني قادر على ذلك وهو من أعظم الواجبات وأهمها، فلا سلام ولا استقرار في بلاد اليمن مع وجود هذا الفكر الخبيث التي تغذيه حكومة طهران التي انسلخت من جميع القيم الدينية والإِنسانية، وأصبحت ألعوبة بيد أعداء الإسلام والمسلمين.
يجب علينا كخليجيين ويمنيين أن نعتبر كل من لا يجرم الحوثي مجرماً، وكل من يغازله في الخفاء حتى لو كان قريباً يجب أن نتعامل معه كمجرم وخائن لأمتنا ووحدتنا، ويجب أن نقف بحزم ضد كل تحرك إقليمي أو دولي مشبوه وأن تكون مواقفنا واضحة فلا مساومة على استعادة اليمن لأرضه وشعبه وحكومته التي تسعى إيران لاحتلالها من خلال عصاباتها.. لقد بات من المتوقع القريب جداً ظهور حركة داعش الإجرامية في بلاد اليمن على نفس الخطى وبنفس الاستراتيجية التي ظهرت بها في العراق وفي سوريا وفي ليبيا، فقد أصبحت داعش هي البديل المذهبي والوطني الذي يؤدي الدور الإيراني والصهيوني في هذه البلدان وهو السلاح الأخير الذي تلجأ إليه إيران والقوى المعادية للأمة العربية والإسلامية لتبرير جرائمها ضد شعوب المنطقة والحيلولة بينها وبين استعادة عافيتها وسيادتها، بل ربما تكون داعش هي المبرر لحرب صليبية جديدة انعقدت سحبها في سماء المنطقة مع تصريح الغرب بأن حربهم لداعش كما يزعمون تحتاج إلى سنوات طويلة وقدوم اليمين أو المحافظين الجدد إلى البيت الأبيض، وبات من المكشوف والواضح لدى الجميع أن هذا التنظيم الخبيث الذي يسمى داعش ما هو إلا وجه قبيح من وجوه النظام الإيراني الذي يشن حرباً قذرة على العالم العربي والإسلامي بدون استثناء، إن جميع التقارير تؤكد السيطرة التامة على قيادات داعش من قبل الحرس الثوري الإيراني والمدعو قاسم سليماني، ولو عدنا إلى الوراء قليلاً عقدين أو ثلاثة لوجدنا البذور الحقيقية لبدء الهيمنة الصفوية والصهيونية في منطقتنا العربية والإسلامية التي من أبرزها تشويه الفكر الإسلامي المعتدل ومحاربة العقيدة الإسلامية الصحيحة والشريعة المحمدية العادلة، واستبدال كل ذلك بالمفاهيم المنحرفة من مزابل الشرق والغرب وإثارة الشكوك والشبهات حول الدين الإسلامي الصحيح ودعاته وعلمائه وعزلهم عن ميادين التوجيه والإصلاح كلياً أو جزئياً، وفتح الأبواب على مصراعيها لدعاة الشبهات والشهوات حتى أغرقوا العامة في الخطايا والآثام، والعلاج للخروج من هذا المأزق هو بالاستعانة بالله وصدق التوكل عليه والأخذ بأسباب الإصلاح الحقيقي على كافة الأصعدة والمستويات، فإنَّ هذه الأمة أمة إعادة الأمور مرحومة مباركة ولن تموت أبداً وتستدرك ما فاتها في عقود في شهور قليلة وذلك من فضل الله ورحمته، فعلى ولاة أمور هذه الأمة إعادتها إلى نصابها الصحيح وإيضاح رسالة هذه الأة والغايات العظيمة التي لأجلها خلقت الخليقة، وانتهاج السبل الشرعية لتحقيق الغايات دون إفراط أو تفريط، إننا متى سلكنا هذا النهج القويم فلن تستطيع أي قوة على وجه الأرض أن تنال منا لأننا نعمل عملاً صالحاً، أما من يسعون في الأرض فساداً فما أسرع زوالهم وذهاب دولتهم {إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (81) سورة يونس.