جاسر عبدالعزيز الجاسر
القارئ للصحف الروسية والمتابع للإعلام الروسي ككل من خلال المحطات التلفازية الروسية التي تبث بالعربية يرى أن هناك بداية تغيُّر في المواقف الروسية تجاه نظام بشار الأسد في سوريا، ومن أهم المؤشرات على ذلك هو انخفاض درجة التأييد لهذا النظام الذي كان واضحاً في كتابات كبار المعلّقين السياسيين الروس، وقد أمكن لي متابعة ذلك بعد تلقي الترجمات العربية للصحف الروسية من مراسل الجزيرة النشط في موسكو الدكتور سعيد طانيوس وقد قرأت الكثير بين سطور الكتّاب الروس ومنها أن روسيا بدأت ومنذ وقت غير قصير في إجراء عملية مراجعة شاملة لمواقفها في سوريا، وإشارات المراجعة واضحة في آراء وأقوال خبراء السياسة في الجامعات والمعاهد الروسية؛ وهم من المتخصصين في المنطقة العربية ويطلقون عليهم في روسيا المستشرقين، وهم بالمناسبة متفوقون جداً في تتبع ودراسات ما يجري في المنطقة، وجميعهم يتكلمون ويقرؤون اللغة العربية وبعضهم يتفوّق حتى في فهم اللهجات العربية ويفرِّق بين المصطلحات الثقافية والسياسية، وهم يدّعمون ويجددون معلوماتهم بزيارات ميدانية ودراسية ويشاركون في الفعاليات والمؤتمرات وحتى ورش العمل، إضافة إلى أن المعلومات التي تجمعها السفارات الروسية وتقارير المخابرات يمكن لهم الوصول إليها، لأنهم في النهاية يعملون جميعاً لصالح الدولة الروسية.
وهكذا تجمع التقارير والأبحاث التي يعدها هؤلاء الخبراء بين قربها من الواقع والحقيقة، والعملية، وتكشف وإلى حد ما عن توجه السياسة الروسية.
ويرى هؤلاء الخبراء الروس وهي رؤية يشاركهم فيها العديد من المحلّلين والباحثين في الغرب والمنطقة العربية أن المنطقة العربية وبالذات سوريا والعراق وحتى لبنان سيشهد وقوع تطورات دراماتيكية مثل انهيار نظام بشار الأسد واستيلاء تحالفات الثوار السوريين التي بدأت تظهر على المسرح السوري على دمشق، بل حتى الذهاب إلى أكثر من ذلك كالسيطرة على اللاذقية ودرعا وغيرهما من المدن السورية الكبرى، وقد حدد بعض المتابعين والمحلّلين العرب والأجانب أنه بنهاية شهر رمضان المبارك سيتكشف العديد من المتغيّرات في المنطقة وبالذات في سوريا، وهذه النظرة لم يتوافق معها الخبراء الروس الذين يرون أن التغير قادم حتماً في سوريا إلا أنه لن يتم بسرعة ونصحوا بالتريث انتظاراً لما قد تسفر عنه التطورات الميدانية المتسارعة.
ويشار في هذا السياق إلى الحرب الدائرة بين التشكيلات الإرهابية المسلحة سواء التي تقاتل إلى جانب النظام والأخرى التي تواجهها، والتي تسعى إلى إضعاف تلك الجماعات إن لم تقض تماماً عليها. ويشيرون إلى المعارك الضارية حالياً بين داعش وجبهة النصرة من جهة، وقوات حزب الله والمليشيات الطائفية في القلمون.